Print this page

صحيفة ديلي بيست: هذا هو دور الأسد في صناعة تنظيم داعش والجماعات المتطرفة

Rojava News: في أول مقابلة بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية، أشار دونالد ترامب إلى أن سياسة الولايات المتحدة في سوريا ستشهد تحولاً جذرياً من دعم المعارضة السورية المعتدلة إلى التعاون الكامل مع نظام بشار الأسد.

 

وأضاف ترامب “إن سوريا تواجه تنظيم الدولة، ونحن في حاجة للتخلص من هذا التنظيم”، بينما انتقد الدعم الأميركي للمعارضة السورية طيلة السنوات الثلاث الماضية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة “ليس لديها أي فكرة عن هؤلاء الأشخاص”.

 

لكن المعطيات التي يملكها الرئيس الأميركي حول خفايا الوضع في سوريا، ودور الأسد في صعود “تنظيم الدولة” تبدو ناقصة أو خاطئة، بحسب ما ذكرت صحيفة “ديلي بيست الأميركية.

 

وثيقة إثبات

تعرض هذه الوثيقة المكونة من 3 أجزاء دور بشار الأسد في نشأة “تنظيم الدولة”.

 

أولاً، حاول الأسد استمالة زعماء الدول الغربية من خلال ربط الانتفاضة السورية التي قامت ضده بالجماعات الإرهابية. وعندما فشل مخططه أطلق سراح السجناء الإسلاميين المتطرفين الذي شاركوا في قتال الولايات المتحدة في العراق.

 

ثم قامت هذه الجماعات المتطرفة بشن هجمات زائفة ضد منشآتٍ حكومية، ليتمكن بشار الأسد من تبرير ممارساته ضد الشعب السوري.

 

وبعد أن أعلن “تنظيم الدولة” تأسيس دولة داخل الدولة في سوريا، عاصمتها الرقة، أدار بشار الأسد ظهره للجماعات المتطرفة التي ترك للولايات المتحدة ودول أخرى مهمة محاربتها.

 

قصة الحكواتي

قضى الناشط السياسي عبدالله الحكواتي شهراً في سجن حلب مع بداية الثورة السورية. وكان الحكواتي يعتقد أنه يعرف ما ينتظره داخل السجون السورية عندما اعتقلته المخابرات العسكرية السورية للمرة الثانية في سبتمبر/أيلول 2011، لكنه تعرَّض لكل أشكال التعذيب في المرة الثانية.

                                    

أدان نظام الأسد، الحكواتي بتهمة الإرهاب، وحُكم عليه بالسجن، لكن المفاجأة الحقيقية كانت داخل الزنزانة التي كان عليه أن يتقاسمها مع مقاتلين سابقين في تنظيم القاعدة، تم نقلهم حديثاً من السجون السياسية للنظام.

 

كان الحكواتي من بين الناشطين الذين قادوا المظاهرات الشعبية ضد نظام بشار الأسد، ومن أبرز رموز المعارضة الذين خرجوا للاحتجاج في بداية الثورة السورية في مدينة حلب.

 

وأضاف الحكواتي متحدثاً عن الفترة التي قضاها في سجون النظام: “كانت المرة الأولى التي ألتقي فيها وجها لوجه مع أحد مقاتلي تنظيم القاعدة. وقد هددوا بذبحي لأنني ملحد، ولا أصلي”.

 

بعد أسابيع قضاها الحكواتي في نفس الزنزانة مع مقاتلين سابقين في تنظيم القاعدة “كانوا سادة السجن، انضم خمسة أشخاص من رفاقه إلى صفوف المتطرفين، الذين رفعوا السلاح في وجه الأسد لاحقاً”.

 

إن الجمع بين المقاتلين السابقين من تنظيم القاعدة مع ناشطين من المجتمع المدني ليس مجرد صدفة عابرة، حيث ادعى بشار الأسد في بداية الثورة السورية أن مجموعات متطرفة تتكون من إرهابيين مسلحين كانت تقود الاحتجاجات في عام 2011، وهذا لم يكن منطقياً في ذلك الوقت.

 

ولذلك وظّف الأسد أجهزته الأمنية لجعل الواقع يتماشى مع أجنداته الخفية، ليتمكن من لعب دور الحمل الوديع الذي وقع ضحية الذئب.

 

ويؤكد تحقيقٌ نشرته صحيفة “دايلي بيست” البريطانية أن الأسد كان وراء ظهور وصعود الجماعات الإرهابية المتطرفة طيلة السنتين الماضيتين، وكان سجن حلب المركزي مسرحاً لعملية تشويه تستهدف الثورة السورية منذ بدايتها.

 

ويعتقد بعض المراقبين أن أي تعاون بين الولايات المتحدة وبشار الأسد أو حتى حليفه الروسي، قد يؤدي إلى نتائج عكسية، من بينها بقاء بشار الأسد في السلطة، ومواصلته لعب ورقة الإرهاب ضد الجميع.

 

من جهته قال “جون كيري”، وزير الخارجية الأميركي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي: “إن تنظيم الدولة صُنع من طرف بشار الأسد”، ورئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي اللذين قاما بتحرير سجناء تنظيم القاعدة في بلديهما. وكان الأسد يسعى إلى وضع العالم بين خيارين سيئين: “إما أنا أو الإرهابيون”.

 

دور الأسد الرئيسي

تبرز هذه المخططات الدور الرئيسي الذي لعبه بشار الأسد داخلياً في انتشار التطرف والإرهاب، وقد أثبتت مقابلات حصرية مع منشقين رفيعي المستوى في الأجهزة الأمنية للنظام، الدور الرئيسي الذي لعبه الأسد في نشر الإرهاب والتطرف قبل الثورة السورية وأثنائها، من خلال إرسال متطوعين لقتال القوات الأميركية في العراق، الذين كان لهم دور رئيسي في تأسيس فرع “تنظيم الدولة” هناك، ثم إطلاق سراح أكثر من 1000 مقاتل سابق في تنظيم القاعدة كانوا يقبعون في السجون السورية في عام 2011، بالإضافة إلى افتعال النظام لتفجيرات استهدفت منشآت حكومية سورية في سنة 2011 و2012، من أجل إقناع الجميع بأن سوريا مهددة من طرف تنظيم القاعدة، كما أن المخابرات السورية لم تحرك ساكناً انتقل رصدت تحركات مقاتلي تنظيم القاعدة بين العراق وسوريا في عام 2012.

 

تمكنت أجهزة مخابرات الأسد من اختراق العديد من الجماعات الإرهابية المتطرفة، واستطاعت في بعض الأحيان التأثير على تحركاتها. وقد أثبتت الشهادات العديدة التي قدمها منشقون رفيعو المستوى داخل النظام السوري أن بشار الأسد كان يعمل على إرسال متطوعين لقتال القوات الأميركية في العراق، ويدعم الجماعات المتطرفة، لكن هذه الشهادات لم تكتسب أهمية كبرى بالنسبة لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما.

 

وقد ذكر مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن الولايات المتحدة لا تهتم كثيراً للمعلومات التي يمكن التوصل إليها عن طريق التحقيق مع أفراد منشقين عن نظام بشار الأسد.

 

وتعود علاقة الأسد بالجماعات الإرهابية إلى عام 2003، عندما قام النظام بدعم الجماعات الإرهابية من أجل محاربة الاحتلال الأميركي للعراق. وقد أظهرت سجلات عثرت عليها القوات الأميركية في مدينة سنجار العراقية عام 2007، أن أكثر من 600 مقاتل عبروا الحدود السورية بين عامي 2006 و2007 قادمين من المملكة السعودية، وليبيا ودول إسلامية أخرى.

 

وذكر تقرير لمركز مكافحة الإرهاب في وست بوينت عام 2008 أنه “من غير المعقول ألا تكون المخابرات السورية قد حاولت اختراق هذه الشبكات”.

 

أثبتت وثائق تابعة لوزارة الداخلية السورية تحصلت عليها “ويليكس” أن المخابرات الأميركية تمتلك أدلة قطعية تثبت أن أغلب المقاتلين الذين دخلوا العراق عبروا الحدود السورية، رغم علم الأسد وكبار المسؤولين في نظامه.

 

وقد أظهرت مراسلة سربتها “ويكيليكس” أن الجنرال علي مملوك، أحد كبار المستشارين الأمنيين في نظام بشار الأسد قال متحدثاً عن سياسة النظام في التعامل مع الجماعات الإرهابية “من ناحية المبدأ، نحن لا نقتل أو نهاجم على الفور. نحن نندس داخلهم، وننتظر اللحظة المناسبة للتحرك”.

 

وقال أنس رجب، وهو إسلامي سابق من محافظة حماة، شارك في الحرب العراقية ثم عاد إلى سوريا، إنه قضى فترتين قصيرتين في السجون التي تديرها المخابرات “إن سوريا تريد إطالة أمد الحرب العراقية من خلال استهداف قوات الولايات المتحدة الأميركية هناك، وذلك بهدف تشتيت انتباههم عن الحرب في سوريا”. وأضاف أن المخابرات قدّرت عدد الأشخاص الذين عبروا إلى العراق بقرابة 20 ألف شخص في عام 2003، لكنهم عادوا جميعاً بمجرد سقوط بغداد.

 

وأشار محمود ناصر، الرئيس الأسبق في شؤون الأحزاب السياسية بمركز الاستخبارات السورية، إلى أن هنالك ما يقارب 5000 آخرين عبروا إلى العراق لأسباب دينية وأيديولوجية. ساهم هؤلاء في ظهور شبح تنظيم الدولة الذي سيطر على أغلب المناطق في كل من سوريا والعراق.

 

يعمل ناصر الآن مع مجموعة من محامي المهاجرين السوريين في جنوب تركيا، حيث يقوم بجمع البيانات المتعلقة بإثبات ارتكاب النظام لجرائم حرب.

 

وبعد المقدمة التي ألقاها المحامون، أمضى ناصر 7 ساعات في التحقيق، الذي تواصل طيلة 3 جلسات.

 

وعلى غرار المنشقين الأمنيين الآخرين الذين قاموا بحضور هذه الجلسات، كان العديد منهم يمتلك رتبة ضابط عام. لكن ناصر نفى نفياً قطعياً أن تكون المخابرات الأميركية قد استجوبته.

 

وأضاف قائلاً: “إننا في المخابرات السورية مهَّدنا الطريق (للجهاديين) ليذهبوا إلى العراق”. وهذا الأمر معروف جداً في المنطقة.

 

أبو القاعدة

كانت عمليات التدريبات والتلقين تتم تحت إشراف أجهزة مخابرات الأسد، حيث كان محمود أغاسي المعروف باسم أبو القاعدة، وهو رجل دين مسلم من حلب، أحد أبرز الشخصيات التي أشرفت على عملية التلقين. وكان مسجد توابين مركز تجنيد السلفيين الجهاديين في العراق.

 

كان الزعيم ينظم مسيرات من المسجد إلى وسط المدينة، وهم يؤدون أنشودة: “إننا ذاهبون لذبح الأميركيين”، وفقاً لما قاله بسام بربندي، وهو دبلوماسي سوري سابق. وأضاف بربندي أن “الزعيم كان يغري المقاتلين الأجانب عن طريق تقديم ضمانات لا يمكنهم رفضها مقابل مشاركتهم في القتال”. ويبدو أنه يحظى بدعم أطراف عالية المستوى، حيث لا يمكن له أن يعمل في دولة بوليسية مثل سوريا دون أن يحظى بموافقة هذه الأطراف”.

 

أكد بربندي لصحيفة “دايلي بيست” أنه لا أحد قام باستجوابه. وأضاف: “لقد أخذت المبادرة واتصلت بأصدقائي في وزارة الخارجية، وتناولنا العشاء معاً. هذا كل ما في الأمر”.

 

في الواقع، جنَّدت مخابرات الأسد أئمة لخدمة أجنداتها، خلال فترة دراستهم للشريعة في الجامعة. كما قال ناصر: “لقد قمنا بتكليف بعض الأئمة الذين يعملون لصالح المخابرات السورية، وكان أبو القاعدة واحداً من عشرات الأئمة الذين كلفناهم”.

 

وكان رائد العاوي، وهو مختص في تجنيد الجهاديين بحماة، من بين السوريين الذين سافروا إلى المسجد. وفي إحدى مقاهي إسطنبول صرَّح العاوي بأن بعض القيادات التي تعمل لصالح أجهزة المخابرات السورية رافقت المدربين إلى الحدود العراقية.

 

قال عوض علي، وهو ضابط سابق بجهاز شرطة الأسد، إن الحكومة كانت على دراية كاملة بما يجري طوال الوقت. وقد اغتيل “أبو القاعدة” عام 2007 بعد أن تحصَّلت أجهزة المخابرات السورية على لائحة بأسماء الأشخاص الذين شاركوا في التدريب.

 

وحافظت مخابرات النظام على قائمة الأشخاص الذين غادروا سوريا، بهدف تسهيل عملية تعقبهم في حال عودتهم. وتثبت معطيات إدارة المخابرات العامة أن ربع الأشخاص الذين غادروا سوريا لم يرجعوا أبداً، إما لأنهم انضموا إلى تنظيم القاعدة أو لأنهم قُتلوا في إحدى المعارك. وقد أُلقي القبض على 1500 شخص من بين الأشخاص الذين قرَّروا العودة.

 

وقال الناشط المدني الذي أمضى ما يقارب 5 سنوات في سجن صيدنايا، وهو السجن السياسي الأكثر شهرة في سوريا، إن عدد المسجونين بتهم تتعلق بالإرهاب ارتفعت من 300 شخص في عام 2011، إلى 900 شخص عندما أطلق سراحه في نفس العام. وأضاف أن أغلبهم شاركوا في الحرب العراقية ضد الاحتلال الأميركي. وكانوا إما سلفيين جهاديين أو متطرفين متشددين. وقد حُكم عليهم بالسجن لأكثر من 15 سنة بتهمة المشاركة في أنشطة إرهابية أو الانضمام للجماعات الإرهابية.

 

لم يكن صيدنايا سجناً للإصلاح وإعادة التأهيل لكنه كان حاضنة للجهادية. فوفقاً لشهادة بعض السجناء السابقين والمنشقين عن الاستخبارات، فإن السجن كان يطلق عليه اسم “سجن 5 نجوم”.

 

ووفقاً لمسؤولين سابقين في الاستخبارات وبعض السجناء، كان السجناء يصنَّفون وفقاً لعقيدتهم. وقد تم تخصيص قسمين من مباني السجن للإسلاميين الأكثر تطرفاً الذين التحق أغلبهم بتنظيم الدولة بعد خروجه من السجن. بينما كان هناك قسمان آخران للأشخاص الأقل تطرفاً، انضم العديد منهم إلى فرع تنظيم القاعدة المعروف سابقاً باسم “جبهة النصرة”.

 

وأما الإسلاميون الأكثر اعتدالاً فقد عُزلوا في 3 أقسام أخرى، وعند إطلاق سراحهم انضموا إلى جماعة أحرار الشام. وخُصصت الأقسام الثلاثة المتبقية للإسلاميين المعتدلين و”الديمقراطيين”، ومن بينهم سريا.

 

وقال إن هذه المجموعات الدينية الأصولية نظمت نفسها تحت شعار الخلافة، بدعم من مجموعات تقدم الولاء للأمير، تماماً مثل المجموعات الإسلامية اليوم.

 

وقد كتبوا شعارات على الجدران تعبر عن أهدافهم عند أول انطلاقة لهم، وقال سريا دياب: “بعضهم كان لديه اعتقاد بأنه عقب إعلان الخلافة، سينطلق مباشرة إلى دمشق ويثبّت الخلافة هناك”.

 

ومع بداية المظاهرات ضد بشار الأسد في منتصف مارس/آذار 2011، بدأ الأسد في إطلاق سراح الإسلاميين المتطرفين من سجون صيدنايا.

 

ولفت النظام إلى أن هذه الخطوة جاءت رداً على مطالبة ناشطين سياسيين بإطلاق سراح المساجين. وقد قدم عميل المخابرات الأميركية، الذي كان يتكلم من وراء حجاب نفس الشرح. وفقاً لما ذكره ناصر، فإن إطلاق سراح قيادات في القاعدة في بلد يغلي بالاضطرابات هو لعبة مكشوفة تقف وراءها أهداف سياسية في نهاية المطاف.

 

وأضاف ناصر: “إن الهدف من إطلاق النظام لسراح هؤلاء مع بداية الثورة السورية كان من أجل عسكرة الانتفاضة، وهذا ما وقع في نهاية عام 2012، وقد أصبحت الأعمال الإجرامية ممنهجة، فأصبحت الانتفاضة بدورها عملاً إجرامياً وبدا كأن النظام يقاتل الإرهابيين”.

 

بحسب ما قاله سريا، فإن عملاء في المخابرات أسسوا روابط مع مساجين متطرفين، ومنحوهم فرصة تعقب مسارهم خلال تحركاتهم. وقال العلي، وهو عميل مخابراتي سابق: “إن كل المجموعات المتطرفة مخترقة من قبل النظام”.

 

ولم يكتفِ النظام باختراق تلك الشبكات بل أدارها وفق إرادته أيضاً. كما قال الجنرال علي مملوك لموظفي الإدارة الأميركية سنة 2010 متحدثاً عن ممارسات النظام: “نقحم أنفسنا” داخل المجموعات المتطرفة من أجل توظيفها لصالحنا في وقت لاحق.

 

وقال نبيل دندال، المدير السابق للمخابرات السياسية باللاذقية، الموطن التاريخي لعائلة الأسد، إنه قام مرتين بشن هجمات على خلايا للقاعدة، فقط من أجل التأكد من أن قادة تلك الخلايا يعملون لصالح المخابرات .

 

وأكد عقيد منشق عن نظام الأسد: “كانوا يعدونهم للقيادة”، ومثال ذلك نديم بالوش، قائد إحدى خلايا القاعدة في اللاذقية سنة 2006، إذ قال لهم أثناء إحدى الغارات “إني أعمل لصالح آصف شوكت”، آصف هذا هو صهر الأسد وقد عمل نائباً لوزير الدفاع. اعتقل بالوش بعد سفره إلى تركيا قبل سنة من الآن، وقد قالت التقارير إنه انتحر في السجن.

 

“نصف التنظيم يعمل مع النظام”

حاورنا دندال في مقهى من مقاهي إسطنبول في شارع الفاتح، الذي يسكنه كثير من اللاجئين السوريين الآن، وقد تعرفنا عليه من خلال قاض كان يعمل مع النظام من حلب، وهو يقف الآن مع المعارضة.

 

قال نديم إنه يعتقد أن نصف قيادات “تنظيم الدولة” يعملون مع النظام اليوم، بينما قال منشق آخر من الجهاز الأمني إنهم يمثلون ثلث القيادات فقط. ووفقاً لما قاله ناصر، فإن غالبية القيادات العليا في تنظيم الدولة في الرقة تتواصل مع المخابرات.

 

ووفقاً لما ذكره عبدالله حكواتي، المنتمي للمعارضة المدنية، فإنه من المؤكد أن السجن المركزي في حلب فيه “علاقة طيبة بين المتطرفين وحراسهم على خلاف المساجين المدنيين، الذين لا امتيازات لهم”.

 

كان هناك 6 مساجين من صيدنايا، وآخرون من السجن السياسي بتدمر، وفرع فلسطين وفرع 291. وقد كانوا في المجمل 15 عضواً من القاعدة في زنزانة واحدة، في السجن المركزي بحلب، رفقة 15 ناشطاً مدنياً من بينهم الحكواتي.

 

ويحكي الحكواتي بعض ما رسخ في ذاكرته، فيقول إن مقاتلي القاعدة كانوا يتمتعون بعدة امتيازات، من بينها الهاتف الخلوي الذكي، والإنترنت، وحرية إطلاق اللحية، وارتداء اللباس على النمط الأفغاني أي القميص والسروال، وجلب الطعام من خارج السجن. وكانوا يعقدون بشكل يومي دروساً دينية ويدعون بطول العمر لقيادات القاعدة، حتى قال الحكواتي إنه عندما كان في السجن سمع خطاباً كاملاً لبن لادن، الذي قُتل على يد القوات الأميركية بعد أشهر قليلة.

 

وأضاف أنه “إن وقع سجين من النشطاء المدنيين في مشكلة أو عراك مع حراس السجن، يتقدم أحد أعضاء القاعدة لحمايته. لقد كانوا هم من يدير السجن، لقد كان ذلك المكان بمثابة الجنة بالنسبة لهم”، وبعد أسابيع من تواجدهم في زنزانة واحدة التحق 5 من رفاقه بالجماعة المتطرفة.

 

وروى الحكواتي أنه في إحدى المرات جاءهم آمر السجن، وجلس مع كل المساجين. في ذلك اليوم، قال محمود مانيغاني للجنرال: “عندما أخرج من هذا السجن سأقتلك في اليوم التالي”، فرد عليه آمر السجن: “هذا شيء أنت وحدك من يستطيع تقريره”.

 

لقد كانت العلاقة بين مساجين الحق العام والمتطرفين سيئة بعض الشيء في المجمل. وذكر الحكواتي أن حواراً فلسفياً مطولاً جمع مانيغاني مع إسلامي انتهى بضرب الأخير له، ولكن ليست كل العلاقات مع الإسلاميين سيئة. فقد شكر أحد الجهاديين الحكواتي لمساهمته في الثورة الشعبية، فقال: “بفضل مظاهراتكم نحن في حال أفضل الآن”.

 

وأصبح المساجين السابقون في صيدنايا قيادات عليا في القوات الإسلامية. على سبيل المثال نذكر أبولقمان، أحد الوجوه البارزة في تشكيل جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، وهو الآن أميرها في الرقة. محمود الخليف، خريج آخر من سجن صيدنايا، يعمل في المجال الأمني، بالإضافة إلى الحجّ فاضل العقل المسؤول عن العلاقات الاجتماعية.

 

أحد المساجين الذين خرجوا من السجن نفسه أصبح أمير “جبهة النصرة” في ولاية محافظة حماة، عبدالرحمان الحماوي، وقيادات أخرى من بينها أبوناصر دروشا، ابن عم أبومحمد الجولاني، مؤسس وقائد “النصرة”، وأبوحسين زينية مسؤول العمليات الميدانية في القلمون بالقرب من دمشق، وأبوحفص القسواني، قيادي في “جبهة النصرة” في درعا بجنوب سوريا.

 

وقاد سجن صيدنايا الجبهة الإسلامية السورية، وكان غطاء ضم تحته مقاتلين إسلاميين لا ينتسبون للقاعدة، وآخرين قيادات في مجموعات أقل شأناً، من بينهم زهران علوش الذي قاد فرع “جيش الإسلام” حتى مقتله في غارة روسية نهاية العام الماضي، وأحمد عيسى الشيخ، قائد مجموعة ثائرة أخرى تدعى “صقور الشام”.

 

كان حسان عبود، الذي أسس “أحرار الشام”، أكبر مجموعة قتالية إسلامية في سوريا، قد أمضى مدة في سجن في صيدنايا، وأطلق سراحه إبان اندلاع الثورة. وقد قُتل عبود رفقة عدد من قيادات “أحرار الشام” في انفجار غامض في سبتمبر/أيلول.

 

وقال العلي: “لقد صعدوا بسرعة سلم القيادة، فأن تمضي بعض الوقت في صيدنايا يعتبر شهادة تخرج بشرف، وأي شخص يتخرج من سجنها يطلق عليه الشيخ مباشرة من دون نقاش، ويقول الناس لقد دفع ثمناً باهظاً بسجنه في صيدنايا”.

 

ويبدو أن مخابرات الأسد هي المنتصر الوحيد فقد اكتسبت معرفة تامة بكل مساجينها السابقين، ولديها ملفات مفصلة عن كل قيادي منهم، وتعرف كيف تتصل بهم. ولهذا ترى المعارضة المدنية أن إطلاق سراحهم كان بتخطيط من الأسد لإفساد الثورة السورية.

 

وقد نجح في ذلك، فقد قال دياب سريا: “لقد نجح النظام في تشويه الثورة السورية، فتبدو المعركة الآن على أنها قتال بين نظام علماني ومجموعات إسلامية متطرفة”.