5:35:25 PM
(بداية كردستان نهاية الاستبداد في المنطقة) كان عنوان مقالنا السابق، الجدلية التي لها متطلباتها، ومنهاتجميد الخلافات بين أطراف حركتنا الكردية والكردستانية، والحفاظ على مكتسباتنا الحالية، وتصعيدها، والتحرر من رواسبنا،فالمخاطر أكثر مما نتوقعه، والمخفي أكثر من الظاهر، والدروب مليئة بالمطبات والحفر، وعلينا أن ندرك أننا بالاستفتاء وحده لن نبلغ الغاية، وقد تجلب العملية بحد ذاتها الكثير من السلبيات، وتزيد من الأعداء، وتبعد الأصدقاء، فالمصالح لها أولوياتها، هذه وغيرها من الإشكاليات المصيرية تدعونا أن نقبل بعضنا، بانتقاداتنا، ونزيد من حواراتنا، فالقادم مرعب بقدر ما هو سعيد، ولا بد من العمل على العامل الذاتي إلى جانب الموضوعي للنجاح، فتاريخنا المليئة بالانكسارات والفشل، يجب أن نراجعها بموضوعية، لنستخرج منها العبر لحاضرنا وقادمنا، والذي هو قادم شعوب منطقتنا بأكمله.
رغم علمنا بأن التغيير يجب أن يتم، مع ذلك بعضنا لا يزال يكتفي برقع من الإصلاح،وندرك أن إصلاح المدمر لا يفيد، والأسباب عديدة، منها:
- لأن هوة الخلافات السياسية والثقافية تتوسع، رغم حساسية المرحلة المصيرية هذه، ومعرفتنا لمساوئها، والضعف الذي يلحق بالقضية ومستقبل كردستان القادمة وبالتالي مستقبل المنطقة، تسعرها الحركة الثقافية بقدر لا تقل عن أحزابنا الكردية، والكل يدرك مدى ترحيب الأعداء لهذه المعضلة، بل ودور القوى الإقليمية في إثارتها وتوسيعها.
- عدم تقبلنا النقد، وكثيرا ما يتم الرد بالتلاسن أو التخوين، وهنا نقصد في البعدين الفردي والجمعي، والأحزاب الكردية، وخاصة المهيمنة أصحاب السلطة، خير من يمثلها، فعداوتنا المقيتة للأخر المعارض أو المختلف فكرا أو سياسية، تجاوزت حدود الإصلاح، وهي من أحد الأسباب التي تضعف موجات التغيير إلى الأفضل بين أطراف الحركة الثقافية والسياسية.
كثيرا ما لا نميز بين النقد والتهجم، إلى أن أصبح من السهل فرز الكردي المخالف، إلى خانة العمالة والخيانة، فهناك صحفيين وسياسيين في جنوب غربي كردستان اتهموا جزافا بالخيانة والعمالة لمجرد الاختلاف في الرأي والنهج، وشريحة من الحركة الثقافية تآذت من هذه السقيمة، ورغم إدراكنا مؤخرا لهذا الوباء، لكننا نادرا ما نتقبل البعض بالأساليب الحضارية. فإلغاء الأخر، والمعاملة الفجة أدت إلى ندرة الحوارات بيننا، رغم توفر الشروط الدولية، فلم يعد يجدي نفعا النقاشات والطروحات الفردية، والتي أصبحت رائجة خوفا من الشللية، والتجمعات المنتمية إلى قوى سياسية غير مستقلة.
- الأحزاب الكردية والكردستانية التي كثرت عليها الانتقادات، والتي تدفع بهاالقوى الإقليمية وبتخطيط، إلى الأخطاء والسلبيات، مستغلين جانب السذاجة الذاتية.ولعنجهية ما نادرا ما تتقبل النقد الذي لا بد منه لتنبيهها إلى حقائق تكاد تكون غائبة عن أغلبية قياداتها، أو أنهم يتناسونها، أو فرضت عليهم تناسيها. وليعلموا، فيما إذا لم يتداركوا وبشراكة مع القوى الكردية الأخرى بعض القضايا المصيرية وبأسرع وقت ممكن، والمعني هنا حكومة الإقليم الكردستاني الفيدرالي، ومسؤولي الإدارة الذاتية، فإن القادم من الزمن سيكون وبالا عليهم، وبالتاليعلى كل ما حصل عليه الشعب الكردي من مكتسبات،وهناك من سيدفع بهم التمادي على نهجهم الانفرادي. ومن جملة القضايا الواجب تداركها، أو لربما هي قضية بعدة أوجه:
- قضية التركيز على التحرر من ثقافة الأنظمة الشمولية، والتي تمجد الأنا. وعدم حصر الكل الكردستاني في الذات الحزبية، المفهوم الذي جعل معظم أعضاء الأحزاب ومؤيديهم سجناء وأدوات بيد الأطراف الإقليمية، حتى وهم طلقاء، وسيكون من السهل التحرر عند التخلص من الضحالة المعرفية.
- تسخير القوة الكردستانية الكامنة بالعمل المشترك،والتحرر من جغرافية المفاهيم السياسية التي حصرتها الأنظمة الشمولية في الأحزاب، وتنمية الحيز الدبلوماسي، وتخفيف أو تأجيل الصراع الداخلي التي تفتعلها السلطات الإقليمية، وتطرحها كأنه صراع على الوطن والقومية، وعليهم أن ينتبهوا إلى أنهم بهذا يطمرون القوة الكردستانيةتحت ركام الخلافات الحزبية.
- التحرر من الشمولية الاستبدادية،وعليهم الاقتناع، بأنهم لا يمثلون إلا جزء بسيط من هذه الأمة، ولا يعكسون جل مفاهيمها ومطالبها، ومساوئهم هذه في حال عدم تداركها ستكون كارثية في القادم من الزمن، قد تقف عليها مصير الكيان الكردستاني الحضاري المأمول تحقيقه.
- عليهم أن يواجهوا الحقيقة التالية،وهي أن ظهورهم على الساحة الداخلية والخارجية، جاءت بهم مصالح القوى الإقليمية قبل الدولية، ونفس المصالح عزلت قوى كردية وكردستانية وطنية واعية، لأن سلطات تلك القوى يحتاجون إلى أدوات سهلة التلاعب بمفاهيمهم، وتسخيرهم لامتصاص القوة الكردستانية الخام، بدفعهم إلى تفضيل المصالح الحزبية على الكردستانية، وبغطاء من الحنكة على ما يقومون به.
ولا شك أنهم لا يودون الاعتراف بعدم قدرتهم على التحرر من الهيمنة الخارجية، وللتغطية عليها يحاولون إشراك كلية المجتمع الكردي في خلافاتهم الحزبية، والمؤدية إلى عرقلة مسيرة المكتسبات الكردستانية. ووجودهم اليوم مشتتين عيان لكل الشارع الكردي والعالم الخارجي، فيستفيد منها الأعداء، قبل أن يكون وبالا عليهم وعلى الأمة، مع ذلك يعرضون ذاتهم كممثلين عن الشعب الكردي وهم أدرى من الجميع بأنها لا تعكس الحقيقة، وإن استمروا على هذا النهج فبماذا سيختلفون عن الأنظمة الإقليمية الشمولية الاستبدادية؟ وما هي المواصفات التي سيتحلون بها لتدفع بالقوى الكبرى أصحاب المصالح في المنطقة بتفضيلهم على القوى الإقليمية المحتلة لكردستان؟
يتبع تحت عنوان : كردنو قضيتنا واحدة...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
11/9/2017م