Print this page

بقايا ملحمة جلجامش في ملحمة سيامند

 9:41:08 AM

 RojavaNews: كتب الكاتب الصحفي والباحث، حسين شاكرمقالا مطولا حول بقايا ملحمة جلجامش في ملحمة سيامند وخجي وأجرى مقارنة بين الملحمتين من حيث الشخصيات وأسمائها والبيئة الاجتماعية والجغرافية، وهذا ما دفع بالسؤال افتراضا أنّ الكرد جلبوا معهم في الأزمنة الغابرة ملحمة جلجامش من السهول التي حكموها وعمروها عندما ساعدتهم الظروف السياسية ليستقروا في حوض دجلة والفرات، وعندما ساءت ظروفهم الجيوسياسية عادوا إلى جبالهم، فتعرضت الملحمة لكثير من التغيّرات وفقا لمتطلباتهم الاجتماعية والسياسية وهذا ما جاء في مقاله ما يلي:    

ملخص

يُقرأ من الملاحم البشرية وجود تكثيف ـــــــ كثافة للتاريخ والسيسيولوجيا ــــــــ لمعظم مشكلاتهم وتجسيد طور من أطوارهم، وكما أنّها تمجيد لبطولات الأمم وصانعي حضارتها، وقد يكون أبطال الملاحم شخصيات أسطورية لا أثر لها في الواقع ولكنها تحتفظ بداخلها متنفسا نفسيا على صعيد السيكولوجي للجماهير، وتحمل الثقافة الشفاهية الكردية كثيرا من الموروث القديم المرتبط بتاريخ المنطقة الموغل في القدم، ولدى الاطلاع على ملحمة جلجامش، سيشعر الكرديّ دون سواه بوجود تقارب لغوي بين الأسماء التي ترد في ملحمة جلجامش قريبة إلى اللغة الكردية، هذا دون أن يكون المطّلع مختصا بعلوم اللغة، وبعد المراجعة ملحمة جلجامش تبيّن من خلال الدراسة أنّ لها أثرا مميّزا في الثقافة الكردية الشفاهية “متمثّلة في ملحمة سيامند” لذلك ستعتمد الدراسة منهجا مقارنا بين الملحمتين، من حيث الشخصيات وأسمائها والبيئة الاجتماعية والجغرافية، وقلما نجد من الكرد من لم يسمع هذه الملحمة ممن يكبره سنّا ومن الجدات والأجداد، وهذا ما دفع بالسؤال افتراضا أنّ الكرد جلبوا معهم في الأزمنة الغابرة ملحمة جلجامش من السهول التي حكموها وعمروها عندما ساعدتهم الظروف السياسية ليستقروا في حوض دجلة والفرات، وعندما ساءت ظروفهم الجيوسياسية عادوا إلى جبالهم، فتعرضت الملحمة لكثير من التغيّرات وفقا لمتطلباتهم الاجتماعية والسياسية.

مدخل

اعتاد الكرد في أسلوب بقائهم – أسلوب البقاء الكردي – الانحدار من جبالهم إلى سهولهم عندما تحين اللحظة الجيوسياسية ليعمّروها ويبنوا فيها أجمل الحضارات ونظرا للموقع الجغرافي الاستراتيجي والأهمية الاقتصادية للوطن الكردي، تعرّض ويتعرّض للغزو من كلّ القوى السياسية في العالم من المحيطين بالكرد والبعيدين عنهم على حدّ سواء،[1] فكان الكرد عندما تسوء أوضاعهم الجيوسياسية ينسحبون أولا إلى السهول المجاورة لجبالهم، وعندما تسوء الأوضاع أكثر ينسحبون ويسكنون الجبال، ولا يتركون الغزاة في أمان عبر القيام بضربات مباغتة كلّ فترة، إلى أن تحين اللحظة الملائمة للنزول من الجبال كما في إسقاط الدولة الميدية للدولة الآشورية، هكذا عاش الكرد وحافظوا على أنفسهم منذ آلاف السنين وإلى يومنا هذا، وربما هذا كان الدافع “النفسي” الذي دعا بعض المؤرخين المسلمين وبعض علماء المسلمين إلى تسمية الكرد بأبناء الجن، أو قوم من الجنّ كشف عنهم الغطاء، وكلّما بنى الكرد حضارة في تلك السهول جاء الغزاة ليسلبوها إياهم، ولهذا فالكردي دون سواه يعلم معنى أنّ التاريخ يكتبه المنتصر، وهذا الأسلوب في البقاء لن يلقى كثيرا من الاعتراض بالنسبة للميديين والميتانيين، ولكنه سيلقى الكثير من الاعتراض بالنسبة للسومريين هل هم كرد؟ وإن لم يكن هذا مجال بحثنا، لكن يمكنني إحالة ذلك الى أحد الباحثين الذين لا يخامره شكّ بأنّ الكرد هم سليلو السومريين، ولم لا ونحن نجد القوى الكردية في كلّ ما يعرف اليوم بسوريا والعراق تكاد تسيطر ديموغرافيا وسياسيا على كلّ حوض النهرين، على كلّ حال يفترض هذا البحث أنّ الحضارة السومرية كانت قد بنيت وفق هذا الأسلوب الكردي في البقاء، وعندما اشتدت الغزوات على هذه الحضارة من جميع أطرافها وخاصة من قبل القبائل المعروفة بالسامية[2]، فأخذ السومريون معهم ما خفّ حمله وغلا ثمنه إلى جبال ميزوبوتاميا، ولم يجدوا أخفّ وأثقل من ملحمة جلجامش ليحفظوها في ضميرهم الجمعي وعقلهم الباطن إلى جبالهم، ويتحولوا من الزراعة الى الرعي مرة أخرى، ليشكلوا مستعمرات جبلية نصف حضرية، ومع مرور الزمن تحوّلت أسطورة جلجامش إلى نسخة سيامند، ولذا نرى نصف ملحمة سيامند شديدة الشبه بملحمة جلجامش، ولكنّها تأخذ طابع رومانيا كلما اقتربت من أماكن تواجد الرومان واليونان والأماكن التي اختلط بها الكرد بالأرمن، ولهذا نرى تنازعا كرديا أرمنيا حول نسبة ملحمة سيامند الى الكرد أو الأرمن، فكلتا القوميتين تدّعي أنّ هذه الملحمة تنسب إليها.

 

الكرد والسومريين

 

الباحث في إعادة السومريين إلى أصولهم وحسب الاكتشافات الأثرية يرى تشكيكا – من قبل “الباحثين” العراقيين والسوريين – وإثارة للغموض حول جميع المعطيات العلميّة التي تقول بأنّ السومريين كانوا أساسا من سكان الجبال، ولهذا بنوا معابدهم في المرتفعات، أو على أماكن مرتفعة “لا أهمية لها كمعطى يدلّ على نسبة السومريين للجبل في أصولهم” وبالإضافة إلى ذلك هناك تشابه فلولوجي كبير بين لغة الكرد ولغة السومريين، لكن ورغم هذا التقارب المثير للانتباه لا نجد عالما سوريا أو عراقيا يضع احتمالا وإن ضعيفا بأنّ الكرد هم من سلالة السومريين، أو يرتبطون بهم بأيّ صلة، منهم المؤرّخ العراقي “طه باقر”  وربما لو تم إجراء فحوصات على جيناتهم الوراثية فلربما ظهرت النتيجة أنّهم يعودون بأصولهم إلى الكرد أو الفرس، وما يثير الدهشة والامتعاض أكثر هو التشكيك بكلّ الاحتمالات العلميّة حول الحضارات، وهذا التشكيك يؤيده إرجاع أصول الكرد إلى الجنّ، فكانت هناك محاولات لنزع الصفة الحضارية عنهم.

 

في هذا البحث سنختصر في الاستدلال على بعض ما ورد عند صلوات كولياموف؛[3] “تحرّك كوتيي زاغروس مع قطعانهم، حيث أسّسوا على شواطئ الخليج الفارسي آنذاك مستوطنة عرفت فيما بعد بعصر سومر (أريدو ولارسا) مع بداية الألف الخامس قبل الميلاد، بدأ الكوتيون – كرد زاغروس – باستصلاح الأراضي الخصبة في ميزوبوتاميا السفلى، وانتقل السكان من التوسّع والانتشار إلى النمط الزراعي المركز.

إنّ أطوار الطبقات (19-10) لمستعمرة أريدو تزامنت مع طبقات حسونة (3 – 5) في الشمال، على مقربة من الموصل وبالاعتماد على هذه وغيرها من الإثباتات الأرخيولوجية واللغوية القاموسية والميثولوجية التي جاءت بشكل متواز، تتبع المسألة الطبيعية لأصالة حضارة سومر الكوتية – الكردية.[4]

وهذا يعني ما أسلفنا ذكره بأنّ السومريين اتبعوا ما ذكرناه آنفا باستراتيجية البقاء الكردي، وعلى الرغم مما تتحدّث به بعض القصائد السومرية صراحة عن الحنين إلى الجبال، فيخترع بعض المؤرخين حججا واهية لينفوا الأصل الجبلي للسومريين، ولنتمعّن في القصيدة التي تدلّ على العلاقة الوطيدة بين السومريين والجبل “حمل للعبادة لآلهة الخصوبة (سكوتا) للكوتيين” – الجبليين من الجبل إلى السهل كتعبير عن إرادة إينان نفسها.

إينان ملكة كلّ الدول

 

اينميركار ولد أوتو هكذا  يقول:

 

أقول لك شيئا خذ بكلامي

 

اصغي جيدا إلى ما أقوله لك من نصيحة

 

من جيشك المختار رسولك حافظ أسرارك

 

كلام إينان ونبوءة – جوهرها – وينتقل

 

إلى الجبال المتلألئة وتصعد

 

ومن الجبال المتلألئة تهبط

 

سوزام بلاد انشان الجبلية

 

كما لو أنّ فأرا دعه يركع متواضعا

 

أمام القوة المرعبة للجبال العظيمة

 

دع الطرقات تغطى بالغبار

 

آرات تخضع لأوروك

 

قسما سكان آرات

 

سيجلبون لك أحجارا جبلية من جبالهم

 

يشيدون لك عرشا عظيما مقدسا

 

سيجعلونك عظيما ( …..)

 

(…….) وعندما في أوروك في كولاب تضع التاج على رأسك

 

عندئذ كجواد من المعبد إلى مخدع نومك المقدس، يحملونك، وكجواد، من مخدع نومك إلى المعبد ينقلونك، وعند ذاك جميع الناس يتأوهون إعجابا،

 

أوتو، متفرّسا ذلك، سيبتهج مشرقا

 

اذ أنّ سكان آرات

 

من الآن فصاعدا يقدمون إليك

 

ليلا نهارا يتضاعفون

 

في أمكنة دوموز، حيث يكثر الماعز والغنم

 

في حقول بروشين حقول دو[5]موز،

 

كأنّ الأغنام الجبلية تركع أمامك.[6]

 

أخيرا هناك الكثير من الأدلة العلميّة المنسجمة مع الحفريات الأثرية، والتي تثبت يوما بعد آخر مدى الصلة بين الكرد والسومريين، حيث يرى معظم السومرلوجيين أنّ السومريين ليسوا من أصول سامية، وذلك لعدم تطابق اللغة الكتابية والموروث الثقافي السومري مع الحضارات السامية، كما أثبتت الاكتشافات الجديدة في القرن التاسع عشر ترابط السومريين مع البيئة الجبلية، وكثيرا ما أثبتت وجود تشابه مع الحضارات الهندوآرية كالسندية والبنجابية، ولم يظهر أيّ تشابه مع الساميين، فأدرك (الباحثون) المنتمون والمحسوبون على الجغرافية الحالية (السامية) هذه الحقائق فسعت كتاباتهم إلى ايجاد نوع من التزاوج بين الحضارة السومرية والهجرات التي جاءت مما يعرف بالجزيرة العربية، وتحدّثوا عن تزاوج أكدي سومري دون أيّ معطى منطقي علمي.

 

إذا فإنّه من المستبعد أن تكون هناك علاقة تأصيلية بين السومرين والساميين، ولم تثبت هجرات من شبه الجزيرة العربية إلى الهلال الخصيب أو ميزوبوتاميا إلا مع (الفتح الاسلامي) وفيما لو غضضنا الطرف عن منبت السومريين، فإنّ القرب الجغرافي يضع احتمالا بأنّ الحضارة السومرية بعد تعرّضها للمخاطر بسبب الغزوات والأوضاع الجيوسياسية الصعبة، فعلى إثرها غادروا إلى جبال ميزوبوتاميا (جبال كردستان كزاغروس وغيرها) ويبدو أنّ هذه العملية (النزوح من السهول إلى الجبال وبالعكس تبعا للظروف الجيوسياسية) هي ظاهرة استراتيجية بقاء تخصّ القومية الكردية، وقد وجدنا هذه العملية تحدث في تسعينيات القرن المنصرم (الهجرة المليونية لكرد إقليم كردستان) بعد تهديدهم بالأسلحة الكيماوية من قبل النظام العراقي آنذاك، ولهذا نضع احتمال أن يكون الكرد قد جلبوا معهم ملحمة جلجامش من سهول سومر إلى جبالهم، ومن ثم تحولت هذه الملحمة الى ملحمة سيامند وخجي.

ملحمة جلجامش

اكتشفت الملحمة السومرية التي كتبت بأسلوب شعري وبخط مسماري على اثني عشر لوحا طينيا عام 1853م في موقع أثري في ما يُعرف اليوم بالعراق، وعرفت فيما بعد أنّها كانت ضمن مكتبة آشور بانيبال في نينوى، ويحتفظ بها حاليا في المتحف البريطاني.

تتحدّث الملحمة عن جلجامش وتقول عنه الملحمة أنّه ملك أور من أم إلهة ووالد بشريّ، وتتحدّث الأسطورة عنه كملك مستبدّ يسخّر شعبه في بناء سور عظيم، ويجامع العرائس قبل أزواجهنّ، وتخلق الآلهة نظيرا له يعرف بأنكيدو الذي تغريه إحدى مومسات معابد أور، وتقنعه بالمجيء إلى أور ليشاهد ممارسات جلجامش ويتصارع معه، لكن الغلبة تكون لجلجامش، لكنّ جلجامش يشفق عليه ويتذكّر رؤيا فسرته له والدته ننسون، أنّه سيلتقي بصديق يتحوّل إلى أخ له[7]، وبالفعل تبارك ننسون صداقتهما وتقبل بأنكيدو كأخ لجلجامش، ثم يخوض كلّ من جلجامش وأنكيدو مغامرة، حيث يذهبان للقضاء على حارس الغابة خمبابا ويقضيان عليه بالفعل[8]، ثم تعرض الآلهة عشتار على جلجامش الزواج بها، لكنّه يرفضها، وهي تحاول الانتقام منه فتطلب من والدها الإله آنو ثورا سماويا ليقضي على جلجامش، ويوافق والدها على ذلك، لكن يستطيع كلّ من جلجامش وأنكيدو القضاء على الثور السماوي، فيقرّر مجمع الآلهة الانتقام من جلجامش فتفجعه بموت صديقه وأخيه أنكيدو إثر مرض عضال، وهذا ما يجعل جلجامش يبحث عن الخلود، فيغادر أور ويذهب في رحلة شاقة، ليلتقي بأوتنابشتم الذي صار إلها ويطلب منه جلجامش أن يدلّه على طريقة تجعله يصبح خالدا، فيقول له إن كنت تريد ذلك فعليك أن لا تنام سبعة أيام بليالها، لكن جلجامش لا يستطيع مقاومة النوم، ثم تشفق عليه زوجة أوتنابشتم  فتعطيه خيارا آخر، فتدلّه على عشبة في قعر بحر دلمون – قد تكون بحيرة وان – وبالفعل يستطيع الحصول عليها، ولكن أثناء عودته تسرق  إحدى الأفاعي منه عشبة الخلود، فيعود حاملا معه حكمة القيام بالأعمال الخالدة التي تمجّد اسمه.

سيامند وخجي

ملحمة سيامند وخجي تدخل في إطار الأدب الشفاهي الكردي، ولم أستطع الحصول على دراسات معمّقة عن هذه الملحمة، وهي وصلت الينا عبر الكاسيتات التي سجلت الموروث الشفاهي الكردي، وكذلك حكاها لنا أجدادنا وجداتنا، وفي القرن المنصرم وجدنا عملين حول سيامند وخجي، من وجهتي نظر مختلفتين، فقد شوهد فيلم شارك فيه الممثل والمخرج السينمائي الكردي يلماز غونيه، وبدا واضحا المشرب اليساري الاشتراكي في الفيلم.

كذلك قام الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي بتأليف كتاب تحت عنوان “سيامند فتى الأدغال” ولاحظنا في مؤلفه مشربه الإسلامي حول الملحمة، لن يتم التوقّف عند التأويلات الأيديولوجية في البحث، وسيتم الاعتماد على الروايات الشفهية، ومن الفيلم الذي أخرجه يلماز كونيه ومن كتاب “سيامند ابن الأدغال” للدكتور البوطي، إلى الحدّ الذي نراه منسجما مع التواتر في الروايات التي تم غناؤها شفاها.

وتعرف الملحمة لدى الكرد بقصّة (Gurrî) والتي تعني الأجرب أو الأصلع، يبدأ طفولة قاسية ويقال أنّ سيامند كان تحت وصاية أو رعاية زوجة عمه وهذا يعني أنّه يتيم الوالدين، “كذلك تحكي بعض الروايات أنّ له أخا أيضا حمل وصايته عم لهم ويحمل ذات الصفات لسيامند، وهو قره كيتران وكان سيامند كما تقول الصيغة الكردية الحرفية “شبِع البطن مرة وجائعا لعشرات المرات” وعرف في قريته أنّه طفل عنيد عنيف، فلم يكن محبوبا لدى أهالي القرية،[9] وبعد عديد الشكاوي من أهالي القرية، وبعد أن جعل زوجة عمه تذبح (ثور البدل للحراثة) مدّعيا أنّ عمه رأى حلما يقتضي تأويله تقديم قربان، وطلب منه أن يضحي بثور البدل ويدعوا أهل القرية لتناوله في دعوة عامة.

قام عمه بطرده من المنزل تماما وحتى من القرية، ولهذا عاش سيامند في أطراف القرية، يقطع الطريق ليؤمن مأكله وملبسه، ولكن استطاع أحدهم جلبه بخديعة إلى داخل القرية ليتعرض لضرب شديد من الجميع، وهذا ما دعاه ليعيش في الأدغال، ويتعرّف على قره كيتران بعد صراع[10]  يغلبه سيامند مستنجدا بدعاء طلسمي، كان قد تلاه عليه الخضر وترجمتها (يا الله، ويا حلمي الذي رأيته بعد منتصف الليل)[11] يقال أنّ سيامند رأى الخضر في منامه، وتلا عليه هذا الدعاء الطلسمي، ووعده أنّه بتلاوته لهذا الدعاء لن يغلبه أحد، وأنه لن يُقتل على يد إنسان، ثم يصبحان بعد ذلك صديقين وأخوين “وتقول بعض الروايات أنّ كليهما كانا أخوين يتيمين، وقام برعايتهما أعمامهما ثم يتابعان تشرّدهما وقاما معا بنوع من الصعلكة والقنص وتنصيب الفخاخ ليملئا بطنيهما الجائعتين على الدوام، وتعرّضا لهجمات الحيوانات المفترسة، ولا يُعلم أنّ لقاء سيامند بقره كيتران كان قبل وصوله إلى منزل أحد الاقطاعيين الأمراء، وطلب منه سيامند البقاء عنده يدافع عنه وأملاكه والبقاء بدون عمل سوى الدفاع عنه عند الضرورة، أم بعد لقائه بخجي كما سنذكر ذلك لاحقا (يلفّ الغموض ظهور أحداث وشخصيات هذه الملحمة منذ بدايتها إلى نهايتها، فلا ترابط منطقي في الحبكة، وهذا له مغزاه الذي سنحاول فهمه لاحقا عند المقارنة بين ملحمتي جلجامش وسيامند) على كلّ حال دعونا نفترض أنّهما التقيا قبل هذا كما ذكرنا، لكن تختفي شخصية قره كيتران في تلك الأثناء، ويقوم سيامند بسلب الجابي العثماني جبايته كما يقول الفيلم، بينما يقول جدّي بروايته الشفهية، تعرض هذا الامير الاقطاعي لعملية سلب من قبيلة أخرى فيذهب سيامند لمواجهة هؤلاء اللصوص، ويأخذ منهم أملاكهم أيضا، وهذا ما يجعل الأمير الاقطاعي يعرض عليه الزواج بابنته التي كان سيامند قد طلب منها قبلة في السابق  فتكبّرت عليه، وقالت أنا أميرة وأنت لست سوى خادم أجرب فرفض سيامند الزواج بها، وأخذ حصته مما استعاده وغادر قرية الأمير الاقطاعي.

والتقى سيامند وخجي وقره كيتران في خيمة تقطنها أخت (خجي) لسبعة أخوة قامت باستضافتهما إلى أن جاء إخوتها السبعة، وقد عشق كلّ من سيامند وخجي الآخر، وعلم سيامند أنّ أمير قبيلة الشكاكا يريد خطبة خجي والزواج بها، وهي لا ترضى بذلك وكذلك أخوتها، ولهذا قاموا بتنصيب خيمهم بعيدا عن الناس، بالقرب من جبل سيبان خلات، وعندما يذهب إخوة خجي برفقة قطعانهم إلى المراعي القريبة يبقى سيامند وقره كيتران في مخيمهم  ومعهم خجي، ثم يقرر سيامند الذهاب إلى بلدة قريبة ليأتي بحاجات الخطبة كخاتم وسواه من الحلي ليتزوج بحبيبته خجي، ويخشى من صديقه أو أخيه قره كيتران على حبيبته فيوثقه ويربطه بشدة، ويغادر ثم يعود ليرى الأمير الشكاكي قد أخذها عنوة، وتعرّض صديقه قره كيتران لضرب من رجال الأمير، وبحسب الفيلم فإن قره كيتران يموت متأثرا بجراحه، “تقول الروايات الشعبية وهي الأصل: أنّ سيامند وقره كيتران كانا قد قرّرا البحث عن زوجات لهم، ويذهبان لقتال فلك وقتلها، لأنّها هي سبب بؤسهما وشقائهما”.

ثم يذهب سيامند ليأخذ حبيبته عنوة ويهرب معها إلى جبل سيبان خلات، وعندما يتعبان يأخذ استراحة فينام متوسّدا فخذ حبيبته كطفل في حضن أمه، ثم ترى حبيبته سبعة وعول يتصارعون مع وعل أجرب على أنثى، فيستطيع هذا الوعل غلبتهم جميعا، تبكي متذكرة إخوتها السبعة  فتنزل دمعة من خدها على وجه سيامند لتوقظه فيسألها سبب بكائها، وعندما يعلم السبب يذهب لينحر الوعل التي جعلت حبيبته تبكي، وبالفعل ينحره لكن الوعل يركله فيسقط سيامند في الوادي ويموت، ثم تغطي خجي عينيها وترمي بنفسها إلى أسفل الوادي لتموت برفقته.[12]

مقارنة بين الملحمتين

(لا نعلم كيف يصبح شخص ما سومرلوجيا ما لم يكن ملما بإحدى اللهجات الكردية) كما يعتقد صلوات كولياموف، وذلك لشدة التقارب اللغوي بين السومرية والكردية، فكلمة الثور على سبيل المثال لم تزل مستخدمة كما هي في اللغة الكردية فجلجامش تعني الثور، والتي هي أشبه بكلمة جاموس، المُعارة من اللغات الإيرانية بما فيها الكردية.[13]

وعلى كل حال فإنّ هذا البحث يفترض أنّ ملحمة سيامند هي من بقايا ملحمة جلجامش، ومن المؤكد أنّ ملحمة جلجامش تعرّضت للتغيّرات الثيولوجية والرموز حسب المتطلّبات السوسيولوجية وفق المستجدات والتطوّرات التي مرت بها ميزوبوتاميا، فتغيّرت قدسية الثور إلى طبيعة المنفعة، ونجده قربانا يضحّى به لرؤيا، أو حلم قد يجلب مصيبة “بسبب الخديعة التي قام بها سيامند ليملأ بطنه الجائعة” ولا يمكن تصوّر التغيّرات التي طرأت على ملحمة جلجامش حتى تحوّلت إلى ملحمة سيامند، فذاك يحتاج إلى المزيد من الأبحاث التي ستشكل كتابا كاملا، وربما يكون مشروعا يقوم به الباحث أو أي باحث آخر، فيما لو توفرت المصادر والأدوات، ولكن في هذا البحث سيتم التركيز على المشتركات بين الملحمتين فقط، والتركيز على بعض أهم التطوّرات الثيولوجية التي مرّ بها الكرد، سنذكر أهم المراحل والتطورات مقتبسين من عمل بحثي دقيق استطاع فيه الباحث الكردي مسعود دالبوداك أن يلخّصها بأسلوب مبسط ونترك باقي التصوّرات والافتراضات التي تعرّضت لها الملحمة لخيال وذكاء القارئ.

أهم مراحل التطوّرات الثيولوجية الكردية

الثور:

يحتل الثور مكانة مهمّة في الثيولوجيا الكُردية، ويعتبر من أول الحيوانات التي تم تدجينها في كُردستان، ويشكل اسم القبيلة الكُردية گوران (عبدة الثور) إثباتا على وجود معبودة الثور والبقرة المقدسة قديما عند كُرد زاگروس وميزوپوتاميا السفلى[14]، وتؤكد الآثار المكتشفة أن الألف الثالث والثاني قبل الميلاد فترة ازدهرت فيها عبادة الثور المتزامنة مع العهد السومري والحوري والميتاني، ويبدو أنّ عبادة الثور السماوي والميثولوجيا المتعلّقة بها كانت واسعة الانتشار بين الأقوام الآرية.

الشمس:

الثيولوجيا الكُردية تعتبر النار والنور مقدّسات تنبع من نفس الأصل المشرك؛ أي الشمس، وسنرى طيلة التاريخ الكُردي وجودها كمقدّسات تمثل العبادة لذاتها أو وسيلة لتقديس غيرها، وكان تقديس الأجرام السماوية رائجا كثيرا في الثيولوجيا الكُردية على مرّ التاريخ، وعلى رأسها تقديس الشمس التي كانت ترمز إلى الإله ميترا، وهي مرحلة تظهر فيها الهنوثئيسمية بشكل واضح.

الزردشتية:

يرى باحثون أنّ زرادشت أتى لإصلاح الديانة الآرية القديمة بما فيها الديانة الميترائية، والمرجّح أنّه عمل على إستئصال الطبقية من أرض آريا وتكوين ديانة توحيدية واحدة، كذلك دخلت على الثيولوجية الكردية الأديان السماوية الثلاث إضافة إلى المانوية، ولهذا يجب أن نضع التطورات الثيولوجية بعين الاعتبار عندما نرى أنّ من المحتمل أن تكون ملحمة سيامند هي من بقايا ملحمة جلجامش كما أسلفنا.[15]

مما تقدّم نعلم مدى التغييرات التي طرأت على ملحمة جلجامش، فقد مرّت هذه الملحمة بتغييرات ثيولوجية مرافقة لها التغييرات الاجتماعية.

الصياغة البنيوية

كلا الملحمتين جاءتا على شكل قصيدة ملحمية، ولكن كتبت جلجامش على ألواح طينية بينما وصلتنا ملحمة سيامند بشكل قصيدة ملحمية وصلتنا شفاها من أجداد الكرد، وهذا من دواعي تصوّرنا أنها من بقايا ملحمة جلجامش.

 

التغنّي بظلم البطل ورحمته معا، ففي مطلع ملحمة جلجامش يتغنّى بقوته وظلمه وخلود اسمه بسبب الأعمال الجيدة التي قام بها، والحكمة التي فتّش عنها  فتقول “هو الذي عرف كلّ شيء  فغنّي باسمه يا بلادي”.

 

كذلك في ملحمة سيامند يتغنّى بأعمال الصعلكة التي قام بها سيامند وصديقه أو أخيه قره كيتران. كذلك يلاحظ هذا التغنّي بظلم البطل ورحمته في معظم الملاحم الشفوية الكردية.

في ملحمة جلجامش يشترك اثنين من الذكور في البطولة “جلجامش وأنكيدو” كذلك في ملحمة سيامند يشترك بطلان من الذكور في البطولة “سيامند وقره كيتران”.

في ملحمة جلجامش يموت أنكيدو قبل جلجامش ويترك الدور البطولي لجلجامش حتى نهاية الأسطورة، في ملحمة سيامند يموت قره كيتران قبل سيامند ويبقى الدور البطولي لسيامند حتى نهاية الملحمة.

للرؤى دور تنبؤي في ملحمة جلجامش، فهو يرى في حلمه ما تأويله أنّه سيلتقي بصديق وكذلك في ملحمة سيامند يرى سيامند في حلمه “الخضر” الذي يلقّنه دعاء طلسميا لمجابهة خصومه دون أن يخسر المخاصمة ويعده أنّه لن يقتل على يد بشر.

في ملحمة جلجامش يتصارع كل من أنكيدو وجلجامش في البداية ويغلب جلجامش أنكيدو، وكذلك يتصارع كلّ من سيامند وقره كيتران وتكون الغلبة لسيامند، وهكذا يمكن إيجاد العديد من القواسم البنيوية المشتركة بين الملحمتين، ولكن في ملحمة سيامند تظهر الكثير من التحوّلات وربما جرى نسيان الكثير من التفاصيل وعوّضت بالتغييرات الملائمة للتطور الديني والاجتماعي منذ آلاف السنين، وإلى وقت صناعة آخر نسخ الملحمة السومرية المتمثّلة بسيامند وخجي، فيمكن النظر إلى التعويض عن رحلة الخلود لجلجامش برحلة هروب سيامند مع حبيبته خجي، حيث تبدو الحكمة التي اكتشفها جلجامش عبر القيام بالأعمال الجيّدة معوضا عنها بالهروب مع الحبيبة، وربما كان ذلك علاجا لمشكلة اجتماعية جديدة، وهي أنّ الاقطاعيين كانوا يأخذون من يريدونها زوجة لهم، بحكم نفوذهم، فكان سيامند هو الشخصية البطلة الأسطورية التي جابهت ذلك الواقع، ولا يخفى على الباحث التأثيرات الاجتماعية الرومانية، والتي ربما أخذت الملحمة الأصل إلى منحى آخر متأثرا بالعصور الهلنستية والتأثيرات الأوربية، عندما كانت تحكم الشرق منافسة ومناصفة مع الإمبراطوريات الإيرانية قبل مجيء العرب المسلمين إلى المنطقة بعد ” الفتوحات الإسلامية، ولهذا نرى خجي تنتحر بعد مصرع حبيبها، ما يذكرنا بروميو وجولييت

فلك وعشتار؟

في ملحمة جلجامش عندما يقضي كلّ من أنكيدو وجلجامش على خمبابا تعرِض الإلهة عشتار الزواج من جلجامش لكنه يرفض الزواج بها.

نرى التعويض في ملحمة سيامند بعدّة صور منها عندما يعرض عليه البيك عمر الزواج من ابنته أليفة، ولكنّه يرفض الزواج، والجدير بالذكر أنّ الزواج عُرض عليه بعد قضائه على رجل من البكوات وأخذ من قافلته كلّ ما فيها.

ولكن الأهمّ هو ذهابه لقتال “فلك” وفلك هذه في الميثولوجيا الكردية تعني القدر أو الحظ، ولكن في ملحمة سيامند هي مخلوق أنثوي تضحك في وجه الفقراء والمساكين والأيتام حينا، ومن ثم تحوّل أفراحهم إلى كوارث وكانوا يعتقدون أنّها تسكن في اليمن، لكن الغريب أنّ اليمن موجودة في معظم الأساطير الكردية، وترمز إلى البعد (ولا نعلم ما إن كانت اليمن مرتبطة في الأسطورة الكردية بالغزوات الإيرانية على اليمن في عهودها الإمبراطورية) وفي  المراحل  النهائية في ملحمة سيامند نراه يفتّش عن فلك ليقتلها، ولكنه يلقى حتفه في النهاية أثناء نحره للوعل الجبلي.

ونجد مبارزة شاقة بين سيامند والمرأة التي تصير زوجة لأخيه أو صديقه  قره كيتران التي كانت متنكّرة بزيّ الرجال ويبارزها لمدة ثلاث أيام بلياليها كما تقول الملحمة، ولكنّ عندما يصارعها تُخرج له مفاتنها الأنثوية، فلا يقتلها ثم تطلب منه الزواج، لكنّه يزوّجها لصديقه أو أخيه قره كيتران، كذلك يظهر الخلط بين شخصية أنكيدو الذي يفترض أنّه قره كيتران الذي تغويه المومس من إحدى معابد أوروك، ولكن نلاحظ التدارك، حيث لا يتزوجها سيامند ويزوّجها لأخيه قره كيتران.

كذلك تتشابه الملحمتان هنا اختصارا، فعندما يغلب سيامند قره كيتران يذهب هو قره كيتران للبحث عن الزواج وقتل فلك، وهذا يذكرنا برحلة جلجامش وأنكيدو لقتال خمبابا.

المومس التي جلبها الصيّاد من معابد أور

ويظهر كيف تمّ علاج هذه المسألة لدى صانع الفلكلور الكردي، حيث يفهَم والد أليفة مدى قوة وشراسة سيامند فيخشاه لكي لا يقتله يوما ما، وذلك بعد قتله لأحد البكوات الأقوياء، فيعرض عليه الزواج بأليفة ابنته التي لم تعط سيامند جرعة ماء أو رفضت أن يقبّلها سيامند، ولكنّها تأتي بناء على طلب والدها وتطلب منه الزواج بها، لكن سيامند يرفض ذلك، وهنا نرى أنّ دور المومس قد انقلب الى دور آخر، وفقا للمستجدّات ومرور آلاف الأعوام على النسخة الأصلية “ملحمة جلجامش”.

ما هو التعويض عن الآلهة

نجد التعويض عن الآلهة التي لها أدوار مهمّة في ملحمة جلجامش في ما ذكر آنفا عن فلك وعن إخوة خجي السبعة “حيث يجري الحديث في ملحمة جلجامش عن الآلهة السبعة الذين عمّروا أسوار أور” والوجهاء والأمراء الذين يمرّون في ملحمة سيامند، وكذلك نجد الرموز الماورائية في الأحلام التي يشاهدها سيامند، وكذلك نجد رؤية سيامند للخضر، ووعده له أنّه لن يقتل على يد إنسان.

الثور في الملحمتين

في ملحمة جلجامش يكون جلجامش سليل الثور النطّاح والدا لجلجامش، وفي ملحمة سيامند تبدأ رحلة سيامند إلى الأدغال والصعلكة بعد تضحيته بثور البدل، حيث تكون هذه التضحية بخديعته لزوجة عمه وتضحيتها بالثور، القشّة التي قصمت ظهر البعير، فيتم طرده أو هروبه من بيت عمه، وهنا لا يوجد شبه كبير، ولكن يمكننا قراءة التحوّل الذي طرأ على البنية الثيولوجية الكردية، فتمّ التصرّف بالملحمة وفق المعطيات الثيولوجية والاجتماعية الجديدة.

وجه البحث عن الخلود في ملحمة سيامند؟

هنا علينا النظر إلى عدم الترابط المنطقي، ولا حتى البنيوي في ملحمة سيامند، ما دعانا لوضع احتمال أنّها من بقايا ملحمة جلجامش.

نجد في ملحمة جلجامش أنّه وبعد موت أنكيدو يذهب جلجامش للبحث عن الخلود، ولكنّنا نجد كما تقول إحدى الروايات بأنّ صديق أو أخ سيامند قره كيتران يقتل أقارب زوجة سيامند الثانية “زينب” أو “سينم” يقوم سيامند بقتل قره كيتران، أو أنّه يقتل لأنّ سيامند ربطه، فجاء رجال الأمير الشكاكي فقتلوه، وعلى كلّ حال تبدأ رحلة سيامند لقتل فلك والتي يراها أنّها المسؤولة عن يتمه وبؤسه، وعندما يقتلها فإنّه سيحصل على السعادة، وهنا وجه التعويض والتشابه بين الملحمتين.

الفروقات بين الملحمتين ما يدلّ على التلاعب بالنسخة الأصلية

فجلجامش ملك وسيامند يتيم، وجلجامش ذو شعر كثيف وشعر رأسه كشعر امرأة، بينما سيامند يُدعى بالأصلع أو الجربان ولا شعر على فروة رأسه.

أنكيدو يشبه سيامند أكثر، لكن يبدو أنّه قد تم تحويله إلى أخ حقيقي أو صديق لسيامند، ولكنّه يُقتل ويموت قتلا، بينما يقتل قره كيتران قبل سيامند، وهذا الاختلاف إنّما يدلّ على محاولة للتمويه أو سوء فهم، أو سوء نقل من القدماء، ونحن هنا نتحدّث عن آلاف الأعوام، وهذه الاختلافات إنّما تدلّ على الترابط، وتزيد من الاحتمال بأن تكون ملحمة سيامند من بقايا ملحمة جلجامش.

 

 

 

 

 

 

 

الخاتمة

ختاما لا يمكننا القول أنّ هذا البحث قد أخذ نصيبه الوافي كما يستحقّ موضوع كهذا، والذي فيه نفترض أنّ ملحمة سيامند هي من بقايا ملحمة جلجامش، وربما يكون النصيب الأوفر هو في فتح باب لدراسة الموروث الشفاهي الكردي ومقارنته بالأساطير التي تم الكشف عنها في ميزوبوتاميا في القرن المنصرم.

في المحصلة يمكننا القول بكلّ ثقة أنّ هناك علاقة وطيدة بين ملحمة سيامند و جلجامش وذلك نظرا للتشابه في بنية الصياغة لكلا الملحمتين من جهة، ونظرا للتشابه بين اللغة السومرية واللغة الكردية من جهة أخرى.

 

الهوامش والإحالات:

[1] يمكن رؤية ذلك من خلال المصوّر الملحق بالدراسة، ملحق 1.

 

[2] عبد الله أوجلان، من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية.

 

[3] صلوات كولياموف، آريا القديمة وكردستان الأبدية، “الكرد من أقدم الشعوب”، (ترجمة إسماعيل حصاف)، رۊژهلات، الطبعة الأولى، هولير 2011.

 

[4] المصدر السابق، ص 53

 

[5] أعتقد أنّها من أقضية دهوك في إقليم كردستان حاليا، وكانت من قضاء الموصل في العراق قبل حصول الكرد على الحكم الذاتي.

 

[6] لمزيد من الاطلاع، انظر كتاب: آريا القديمة وكوردستان الأبدية، مصدر سابق.

 

[7] لا تزال ظاهرة التآخي بين الكرد من ذكور وإناث مستمرة إلى يومنا هذا، بأن يجرح شخصين يدهما ثم يتصافحا، وبذلك تختلط دمائهما ويصبحا أخوين.

 

[8] يدعي البعض أنّ الغابة التي قصدها جلجامش وصديقه هي غابة الأرز في لبنان، لكننا نرى أنّ غابة الأرز المقصودة في الملحمة ليست في لبنان، إنّما في غابات جبال طوروس الغربية حيث توجد غابات الأرز.

 

[9] ( ولم يكن محبوبا لدى معظم من روى قصته، على الأقلّ الذين سمعت الملحمة منهم شخصيا، وكان مضربا للمثل، معبّرا عن شخصية المخرّب المتمرّد).

 

[10] مصارعة رومانية وجدت في مناطق الكرد في شمال كردستان.

 

[11] وصيغته الكردية (Ya xwed û ya xewna min dî di nîvê şevê).

 

[12] ينبغي التنويه إلى أنّ مصادر الملحمة قد تم أخذها من عدة مصادر وهي الرواية الشفاهية التي تروى بكثرة وبطرق مختلفة في مناطق كردستان، كما تم الاعتماد على رواية البوطي “سيامند ابن الأدغال”، ومنها الفيلم الذي مثل فيه يلماز غونيه .

 

[13] بشأن هذه الجزئية يمكن مراجعة مقدمة دحام عبد الفتاح لملحمة جلجامش التي ترجمها عن العربية، ص 38 حتى 48:

 

(Dastana Gil Ga Mêş, Wergêr: Deham Ebdulfetah, Ç1em, Enstîtuya Kurdî ya Amedê, Amed 2006)

 

[14] آريا القديمة وكردستان الأبدية، “الكرد من أقدم الشعوب”، مصدر سابق، ص 112.

 

[15] مسعود دالبوداك، الكردي مسلما، القومية في مهب رياح الدين، بحث منشور في موقع المركز الكردي السويدي للدراسات، آخر زيارة، 13/7/2018 (https://goo.gl/TyX6Ti).

 

المراجع والمصادر:

 

صلوات كولياموف، آريا القديمة وكردستان الأبدية، “الكرد من أقدم الشعوب”، (ترجمة إسماعيل حصاف)، رۊژهلات، الطبعة الأولى، هولير 2011.

طه باقر، ملحمة جلجامش، ط 1 (دار الوراق، بغداد، العراق، 2006).

عبد الله أوجلان، من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية، د.ت، د.ط.

فراس السواح، قراءة في ملحمة جلجامش، ط 1 (سومر، دمشق، سوريا، 1987).

مسعود دالبوداك، الكردي مسلما، القومية في مهب رياح الدين، بحث منشور في موقع المركز الكردي السويدي للدراسات، آخر زيارة، 13/7/2018 (https://goo.gl/TyX6Ti).

د.محمد سعيد رمضان البوطي، سيامند ابن الأدغال، ط1 (دار الفارابي، دمشق، سوريا، 1998).

Dastana Gil Ga Mêş, Wergêr: Deham Ebdulfetah, Ç1em, Enstîtuya Kurdî ya Amedê, Amed 2006.