Print this page

الحرب الأهلية الكوردية و البارزاني و جيش صدام

11:09:25 AM

بقلم: يوسف بو يحيى

 RojavaNews: كثيرا ما لفتت انتباهي بعض الردود التي أقراؤها عند بعض الناشطين بخصوص موقف أهالي منطقة "السليمانية" في شخص البارزاني و قصته مع جيش "صدام" ،مع العلم أن عائلة الطالباني دائما ما تبرر خياناتها لكورد السليمانية بأنه انتقام و رد الصاع صاعين للبارزاني على تلك الحرب الدامية سنة 1994 بين اليكيتي و البارتي.

هنا أريد أن أوضح و أضع جميع من يهمه الأمر أمام الواقع و الحقيقة ،لهذا لابد من ذكر الأسباب الأساسية التي أدت إلى هذه الحرب و إسقاط الأعذار الوهمية و الواهية التي يتحجج بها "جلال طالباني" ،إضافة إلى وضع النقاط على حروف دوافع تدخل جيش "صدام حسين" لصالح البارزاني.

صراحة أن "جلال طالباني" كان يكذب و لم ينطق أي كلمة حقيقية في جميع تصريحاته بخصوص هذه الحرب ،بينما كل ما قاله كان فقط لتبرير تورطه الفعلي في هذا الاعتداء الغير المقبول أخلاقيا و وطنيا و قوميا ،حيث لا يركز الطالباني إلا على وترين حساسين لتأجيج عاطفة الكورد تجاهه ،الأول فساد البارتي المالي و ثانيه جلب جيش "صدام" لكوردستان.

إن مسألة الفساد المالي بخصوص مداخل المعابر الحدودية بين كوردستان و سوريا كانت تتم بتنسيق مع قوات جيش صدام و البارتي ،بالمقابل أن المعابر الحدودية بين السليمانية و إيران تتم بتنسيق قوات اليكيتي و صدام حسين ،وهذه الذريعة كذبها صدام في أكثر من مرة و حمل المسؤولية الكاملة لجلال الطالباني ،بمعنى أن هذا المبرر السخيف من طرف "اليكيتي" غير مقبول و كاذب و غير صحيح.

إن الحقيقة التي أدت إلى هذه الحرب كانت بوادرها تظهر منذ 1992 أي بعد إجراء أول انتخابات ناجحة في كوردستان ،هناك بدأت إيران فعليا تفكر في القضاء على البارتي و البارزاني بالذات ،تلت هذه الإنتخابات العديد من الصراعات الداخلية بين اليكيتي و البارتي ،تنازل من خلالها البارزاني على مكاسبه السياسية الانتخابية لجلال طالباني تفاديا لسفك الدم الكوردي ،لكن هذا كله لم يقنع إيران و الطالباني المصاب بالغرور و مرض التملك ،فكانت الخطوة الثانية هي طبخ مكيدة ذات مفعول قوي يمكن لها أن تسقط البارزاني من المشهد السياسي و القيادي ،على إثرها جرى الاتفاق بشكل مدروس في "دمشق" بين كل من رجال نظام إيران و سوريا و تركيا و كورديا "جلال طالباني" و "العمال الكوردستاني" و "الشيخ ألي' و "حميد حجي درويش" بمباركة فرنسية و بريطانية.

كان هذا المخطط يهدف إلى ابتلاع إيران لمنطقة السليمانية باتجاه منطقة هولير لصالحها ،مع العلم أن نقطة إركاز و بدء هذا المشروع اللعين كان منطقة السليمانية ،فما كان للسيد "جلال طالباني" إلا أن يحشد جنوده و الحرس الثوري الإيراني و العمال الكوردستاني و ميليشيات سورية الأسدية في جبهة واحدة ليبدأ بالهجوم على مواقع بيشمركة البارزاني ،أي كما فعل في أكثر من مرة في عهد الزعيم الراحل "مصطفى البارزاني" ،من خلال هذا الهجوم أستطاع "الطالباني" أن يجتاح "هولير" متجها إلى أماكن مقرات البارتي و منبع الثورة و البارزاني حسب ما هو مرسوم و مخطط له في "دمشق" و "طهران" بموافقة "أنقرة".

كان "صدام حسين" يراقب الأمر بهدوء تام إلى أن اكتشف أن المسألة ليست كوردية كوردية ،بل هو مخطط خارجي إقليمي يشكل تهديدا لأمن العراق و سيادته ،تزامن ذلك مع اتصالات البارزاني المكثفة مع "صدام" يؤكد له أن الأمر خطير سواء على كوردستان و على العراق عموما ،أنداك قرر "صدام" أن يتدخل بشكل سريع و مباشر دفاعا عن الأراضي الكوردستانية (العراقية) و سيادة العراق من التدخل الإيراني بعد إعطائه أمريكا الضوء الأخضر،

أستطاع جيش "صدام" بالتنسيق مع بيشمركة البارزاني هزيمة القوات الإيرانية المتمثلة في الحرس الثوري الإيراني و بيشمركة "الطالباني" المغرر بها و قوات العمال الكوردستاني و ميلشيات سورية الأسدية...،حيث تم إخراج هذه القوى من "هولير" و ملاحقتها إلى حدود السليمانية ،أنداك و على الحدود توقفت بيشمركة "البارزاني" رافضة دخول السليمانية كي لا يحسب عليها أنها إجتاحت منطقة كوردستانية و شعبها ،بينما جيش "صدام" أصر على دخولها لملاحقة كتائب الحرس الثوري الإيراني و السوري لتحريرها من التدخل الأجنبي ،وهنا أكيد جيش "صدام" ارتكب جرائم بحق كورد السليمانية المدنيين لكن كل اللوم كان على "جلال طالباني" الذي كان ذريعة لذلك و تسبب في قتل أهالي "هولير" و "السليمانية".

ومن باب الحقيقة و التواضع أتحدى جميع من يتهم "البارزاني" بشيء من هذا القبيل أن يأتي لي بدليل واحد يثبت تورطه في الحرب و الهجوم ،وللعلم فقط و استنادا على التاريخ الملموس يؤكد أن "البارتي" منذ تأسيسه من حقبة "مصطفى البارزاني" إلى "إدريس البارزاني" إلى "مسعود البارزاني" لم يهجم قط على "اليكيتي" عسكريا ،وأتحدى كل من الإنس و الجن على أن يأتوا لي بدليل و حدث تاريخي واحد يثبت تورط البارزاني بهكذا خرقات لا أخلاقية ،ولن تجدوها.

إن أهالي السليمانية الكورد الأقحاح يعلمون جيدا الحقيقة كما يعرفون جيدا معدن "جلال طالباني" ،ويحملون له المسؤولية على كل ما جرى منذ تسلطه على منطقة السليمانية بدعم إيران و سوريا و بريطانيا دولة "سايكس بيكو" الخبيثة ،ومازالوا يتذكرون كذلك ثورات الزعيم "الشيخ محمود الحفيد" وكيف تمت خيانته من طرف "إبراهيم أحمد" صهر جلال الطالباني و أب "هيرو خان" الذي تواطأ مع بريطانيا و طعن النهضة و الثورة الكوردية من الخلف ،حينها كانت السليمانية تلقب بعقل الثورة بينما حولها "الطالباني" الآن إلى جامعة خريجي الخيانة.

لا أعلم كيف يفكر هذا الكوردي الذي يحاول إخفاء و طمس الحقيقة و التغطية على اجتياح طالباني لمنطقة "هولير" طولا و عرضا ،ولا يضع أمام عينه فقط إلا نقطة خاطئة هي ان البارزاني جاء بجيش "صدام" لكوردستان ،مع العلم أن بيشمركة "البارزاني" لم تدخل السليمانية أبدا واقفة على حدودها الرسمي عكس ما فعله "الطالباني" في هولير و لأهل "هولير" ،ولم يتساءل هذا الكوردي يوما عن قصة تواجد الحرس الثوري و العمال الكوردستاني و الكتائب العلوية الأسدية في جبهة "جلال طالباني" رغم أنها قوى لا علاقة لها بالعراق نهائيا ،بينما كل تركيز هذا الكوردي على جيش "صدام" الذي تربطه مع البيشمركة الكوردستانية (اليكيتي ، البارتي) اتفاقيات دستورية حفظ الأراضي العراقية من أي تدخل أجنبي.

صدقا العقلية الكوردية التي تؤمن بأشخاص مثل "جلال طالباني" و "اوجلان" و "شيخ ألي" و "حج درويش" هي عقلية مثقوبة للأسف.