جان كورد: سياسة (PYD) لها نتائج ديموغرافية كارثية على عفرين

جان كورد: سياسة (PYD) لها نتائج ديموغرافية كارثية على عفرين

RojavaNews- عفرين: تعتبر الأوضاع الراهنة في كوردستان سوريا في أسوء حالاتها، خاصةً منطقة عفرين التي تستهدفها مخططات عدائية ممنهجة ومعَدّة في دوائر أمنية قابعة في دمشق وتتحكم عن بُعد بصغائر الأمور وكبائرها، ويتم تنفيذها بأيادٍ "كوردية" أعلنت نفسها كسلطة أمر واقع في عموم المناطق الكوردية.

إنه لمن دواعي الأسف الشديد أن يتم إستهداف منطقة عفرين الكوردية، لِما لَها من أهمية استراتيجية، فهي صلة وصل مهمة بين بقع جغرافية تشهد سخونة سياسية غاية في الخطورة، وقد حاولت الأنظمة الديكتاتورية المتعاقبة على حكم سوريا، تنفيذ خطط مسبقة الصنع في دمشق ضد عفرين. وكانت البداية في عهد "نظام الوحدة لجمال عبدالناصر" حيث تم جلب عوائل عربية (بدو رحل يمتهنون الرعي) من ريف حلب الجنوبي والشرقي إلى سهول جوم المتاخم لضفاف نهر عفرين، ونصبوا خيامهم في جوار القرى والبلدات الموزعة في السهل، وفيما بعد صدر قرار التأميم والاصلاح الزراعي، وتمت مصادرة أراضي الملاكين والفلاحين الكورد، ووزعوها على تلك العوائل العربية المستوطِنة دون السكان الأصليين الكورد.

مخططات عنصرية

 وإشتد تنفيذ المخطط العدائي بعد انقلاب البعث في 8/آذار/1963 تنفيذاً لمخطط محمد طلب هلال. فاضطر أغلب الملاكين لمغادرة عفرين "كورداغ"، وتم الإيعاز للعرب الوافدين إلى الانتقال للسكن في قرى نموذجية "مستوطنات عربية" شوفينية، والعمل وفق مسلكية الصهر العنصري في بوتقة العروبة. أمام تلك اللوحة الأمنية، إختارت عوائل عديدة الإحتكام للهجرة الإضطرارية، لكن يقظة الجانب السياسي الكوردي، وانتشار الوعي القومي، افشل تلك المخططات الشوفينية، إلا أن نظام البعث قام بتغيير العديد من آليات تطبيقه لمخططه العدائي عبر سن قوانين ومشاريع عنصرية لتمزيق الاوصال الكوردية من الناحية الجغرافية والسكانية التي كادت أن تمزق النسيج الكوردي. لكن الدوائر الشوفينية لاقت عنادا كورديا ولم تستطع اقتلاع الشعب الكوردي من موطنه بغية إحداث تغيير ديموغرافي في كوردستان سوريا.

 وبعد الثورة السورية تنفّس شعبنا الصعداء، لكن نظام الأسد قام بتوليف الأحداث لصالحه واستخدم سطوته الأمنية وأساليبه الإستخباراتية عبر إستخدام مختلف أشكال وألوان شبيحته كوكلاء لتنفيذ ما عجز عن تنفيذه في الماضي، وقد كان نصيب المناطق الكوردية أن قام نظام الأسد بتسليمها إلى سلطة الأمر الواقع المتجسدة بحزب (PYD) ليصبح الوريث السلطوي للنظام في المناطق الكوردية، وبذلك بات الواقع الكوردي يواجه أقصى أنواع الخطورة، وبمقابل ذلك حاول ويحاول المجلس الوطني الكوردي عبثاً ايصال الحالة الكوردية إلى بر الامان وبأقل الخسائر، ويصرُّ جاهدا الإبتعاد عن الاقتتال الأخوي وبذل مختلف الجهود لترتيب البيت الكوردي وتعزيز روحية العمل المشترك المدعوم من العمق الكوردستاني في إقليم كوردستان، ووفق أسس ومقومات المشروع القومي الكوردستاني، بينما نجد حزب (ب ي د) وملحقاته يستغلون الأوضاع أبشع استغلال عبر الإستفراد في الإدارة والسلطة وتطبيق الفرمانات الفوقية والقراقوشية، ولعل أسوأها التجنيد الإجباري وفرض الضرائب والأتاوات والإعتقالات وقمع النشطاء ومنع العمل السياسي ..إلخ، تماماً كما كان يفعل نظام الأسد من قبلهم، بينما نجد المجلس الوطني الكوردي عاجزا عن طرح مشروعه القومي الديمقراطي البديل وحماية شعبنا الكوردي عبر الوقوف في وجه ذاك المخطط الرامي إلى افراغ المناطق الكوردية من أهلها الكورد الذين ورثوها عن آبائهم وأجدادهم.

نظام البعث وتعريب جبل الكورد

الكاتب (جان كورد) تحدث لصحيفة (كوردستان) بخصوص تعريب منطقة عفرين من قبل نظام البعث قائلاً: "لقد دأب النظام الأسدي- البعثي، خلال عقودٍ طويلةٍ من الزمن على تعريب منطقة (جبل الكورد1) التي مركزها مدينة عفرين، وأقول (جبل الكورد1، لأن هناك جبل كورد آخر قريب من الساحل السوري)، فسهّل قدوم العرب إليها كما مارس السياسات المختلفة التي من شأنها إبعاد الصناعة عن المنطقة ووضع كل شيءٍ في أيادي المخابرات التي كانت لا تكتفي بنهب ثروات المنطقة وإنما تسعى لتشريد الكورد من المنطقة يوماً بعد يوم، والعرب القادمون لم يكونوا عنصريين فحسب، وإنما كانوا في غالبيتهم، إلا من رحم ربي وربك، (صداميين) و (بعثيين) حاقدين على الكورد وطامحين في السيطرة على المنطقة، إنطلاقاً من عاصمتها (عفرين).

هذه السياسة استمرت طوال عقودٍ من الزمن وحققت نتائج عظيمة للنظام، فصارت عفرين وكراً للمخابرات والشرطة التي لها هدف واحد هو الإثراء على حساب الشعب الكوردي، فكم من شرطي جاء إلى المنطقة فقيراً لا يملك سوى حقيبة يده، وعاد من المنطقة بأكثر من شاحنةٍ مليئة بما نهبه من فقراء شعبنا رشوةً ونهباً في وضح النهار.

وبعد الثورة نزح عدد كبير جداً من المواطنين العرب الفارين من المناطق القريبة والمجاورة إلى جبل الكورد(1) فاستقبلهم الكورد بحفاوة كعادتهم، وإذا بهم مع الأيام يسعون لشراء الأراضي بأسعار زهيدة بعد حث الشباب الكوردي على الهجرة إلى الدول الأوربية، فيضطرون لبيع أملاكهم لتأمين أجور العصابات التي تنقلهم عبر حدود الدول، وصلوا إلى هدفهم أم لم يصلوا، بل منهم من يغرق في البحار أو يقضي زمناً في سجون بعض الدول، بعد أن تم خداعهم من قبل تلك العصابات.

 وبسبب أن حزب (PYD) الذي فاق البعثيين في اضطهاده للمعارضين لسياساته، فقد كادت المنطقة التي اعتبروها (محررة على الطريقة الثالثة) أي (لا مع النظام ولا مع المعارضة)، تصبح فارغة من الشباب الكوردي. وحقيقةً فقد استغربت لكلام شخصٍ عربي استولى آباؤه من قبل على أراضي الكورد في المنطقة وصار يتكلم الكوردية مثلنا، قد سألني عن أهمية شراء الأراضي في هذا الوقت بالذات الذي يهرب فيه المواطنون الكورد، وقال بأنه وأقرباؤه سيشترون أراضي الكورد، فهو لا يخاف وصول الإسلاميين إلى الحكم في المنطقة لأنه (مسلم سني) كما لايخاف عودة النظام لأنه عربي وسوري مخلص لوطنه، وكأن الكورد ليسوا سوريين وليسوا مسلمين.

إن هذه السياسات السابقة للبعثيين والأخطار المحيطة بالمنطقة بسبب هجوم الإرهابيين على الكورد إجمالاً ونزوح الشباب الكوردي بأعداد كبيرة للغاية في ظل (الإدارة اللاذاتية واللاديمقراطية) لحزب الاتحاد الديمقراطي (ب ي د) وقمعه المستمر للديمقراطيين الكورد، لها نتائج ديموغرافية كارثية بالنسبة لمنطقتنا (عفرين) الحبيبة التي تعد من أغنى المناطق الانتاجية في سوريا، بسبب وفرة المياه وجودة المناخ، إذ هناك الملايين من أشجار الزيتون التي تحوم حولها الغربان (جمع غُراب) لانتزاعها من أيدي أبنائها وبناتها الذين أقاموا فيها صرحاً زراعياً وتجارياً عظيما بعرق جبينهم وبدمائهم الزكية التي أريقت في سبيل أرضهم التي ولدوا عليها ونشأوا فيها.

التغير الديموغرافي في ظل (PYD)

الكادر السياسي (م. م- فضل عن الافصاح عن أسمه) وهو عضو في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا قال لصحفية (كوردستان)ً: "لقد إتبع حزب البعث ومنذ اليوم الأول لإستلامه السلطة عبر الإنقلاب في سوريا، سياسة صهر الكورد وإضعافهم ومحو هويتهم القومية من خلال فرض حزمة من السياسات الشوفينية التي جرى تطبيقها بحق الشعب الكوردي في كوردستان سوريا خلال العقود الأربعة الماضية، فقام حزب البعث بتطبيق سياسة تقسيم جغرافية المناطق التي يسكنها الكورد، من خلال توزيعهم إدارياً على إلى ثلاثة مناطق هي (عفرين، كوباني، الجزيرة) تابعة لثلاثة محافظات (حلب، الرقة، حسكة) وإستقدام العرب من كل حدب وصوب واسكانهم في القرى والبلدات الكوردية لتغيّر ديموغرافيتها، وقام بسحب الجنسية من أكثر من ثلاثمئة ألف مواطن، بالإضافة إلى النفي والإعتقال ومنع الكورد من التوظيف والتعليم والتدريس والتحدث باللغة الكوردية، ومنع ممارسة الأحزاب السياسية الكوردية لنشاطاته ..الخ".

وبعد إندلاع الثورة السورية ضد نظام الأسد عام 2011، وبهدف تحييد الكورد عن الثورة، قام النظام بالإنسحاب من المناطق الكوردية في كوردستان سوريا، وقام بتسليمها (إدارياً وعسكرياً) لحزب (PYD)، وساهمت سياسات هذا الحزب (خلال أقل من أربعة أعوام فقط) في إنجاح مخطط حزب البعث بنسبة كبيرة واستطاع تنفيذ ما لم يستطع حزب البعث من تحقيقه خلال أربعين عاماً، حتى أن البعض من النشطاء الكورد والساسة باتوا يقولون بأن حزب (ب ي د) يطبق ما كان يرسم له الشوفيني محمد طلب هلال، من خلال اتباع سياسة "الأمة الديمقراطية" وديمقراطية الشعوب التي تخدم أجندات الأنظمة الغاصبة لكوردستان، والإبتعاد عن المشروع القومي الكوردي، وإفراغ كوردستان سوريا من أهلها وشعبها من خلال القرارات التي يصدرها الحزب المذكور، والآتاوات والضرائب التي يفرضها على المواطنين، وتطبيق قانون التجنيد الإجباري مؤخراً الذي ساهم بشكل كبير في إفراع كوردستان سوريا من أهلها وشبابها.

روني بريمو

جريدة كوردستان – العد 518

Rojava News 

Mobile  Application