سردار كيستەيى رسام الجمال والهم الانثوي

سردار كيستەيى رسام الجمال والهم الانثوي

Rojava News: بدأ هذا الرسام أولى خطواته في مدينته (دهوك). كان من الطلبة المتميزين بين أقرانه في قسم الرسم في معهد دهوك للفنون الجميلة. واصل ممارسة الحرفة والتحصيل الفني، فكان علامة فارقة في الحركة التشكيلية في مدينته. وظهر كرسام واعد على مستوى جنوب كوردستان. وأكثر من ذلك استطاع المشاركة في العديد من المعارض التي أقيمت لفنانين كوردستانيين في بلدان أجنبية. سردار كيسته يي رسام يهتم باللون والخط (أهم عنصري فن الرسم) في آن واحد وبالتوازي.

لو دققت النظر في طريقة استخدامه اللون وتفعيل هذا العنصر في لوحاته، لأعتبرته ملوّن من طراز متقدم. فهو يمتلك قدرة فائقة في توظيف واستخدام الألوان والدخول في مناورة لونية مفتوحة الأفق، بالشكل الذي يجعل لوحاته تقطر جمالا لونيا. ولعل امكاناته توازي قدراته في استخدام اللون، وتظهر قدرته في استخدام الخط بجلاء في أعماله الكاريكاتيرية. بالمناسبة فهو من خيرة رسامي الكاريكاتير خلال العقد الماضي في جنوب كوردستان. خطوط واضحة جلية تظهر قدرة فائقة في الامساك بالحركة واضفائها على المفردات الكاريكاتيرية.

من السمات البارزة لدى هذا الفنان، وقد أفصحنا عن ذلك في عنوان مقالنا هذا، هو ان سردار كيسته يي ظل وفيا وصادقا مع أحاسيسه التي تدور حول عالم الأنثى. ربما هناك عامل سايكولوجي حول شدة تعلقه بعالم الانثى، وباعتبار الرسم اطارا جماليا للافصاح عن مكنون النفس وخزينه، بل الكاشف عن عالم وعي ولاوعي الفنان، عليه يمكن القول بأن هذا الرسام قد وجد في عالم المرأة ضالته من حيث المبادرة للعمل والغوص بين ثنايا العطاء ومسارات التعبير.

وضمن استقراء أولي للوحات الفنان خلال الفترة التي سبقت مغادرته كوردستان قبل أكثر من عام لمواصلة التحصيل الفني، تمحورت جميع نتاجاته الفنية حول عالم الانثى. ومن الممكن توقع خلفيات الحالة هذه، ضمن تخمينات قد لا تكون منافية للحقيقة، وهي ان الفنان يكن حبا مطعما بالدهشة للأنثى، يحاول بلورة هذا الحب المدهش بصريا عبر نتاجات كتب للمرأة (الانثى) أن تكون مفردتها الرئيسة أو مفردتها الوحيدة، سواء أكانت وحيدة أو مع أخريات. والزي الكوردي الانثوي كان عاملا مساعدا بالنسبة للرسام كيسته يي، حيث توفر هذه الازياء بتصاميمها الثرية وغزارة ألوانها وكثرة قطعها واكسسواراتها، مساحة واسعة للمناورة الفنية. وقد تتبع الرسام كل ذلك بحسية عالية مبديا طاقة عالية على اقتناص أدق التفاصيل. وللحقيقة نقول بأن الرسام سردار استطاع بلورة اسلوب خاص له في الرسم. مع ان تأثيرات بليغة الى حد ما للرسام الكوردي الكبير (عبدالرحمن كلحو) تبدو على لوحاته، الا ان ذلك لم يمنعه من الأتيان باسلوب وتقنيات فنية خاصة من حيث صياغة ثيمة اللوحات وتجسيد الاتموسفير البصري، علاوة على اختيارات ذكية من حيث الحبكة، الى جانب التوصل الى ارساء هندسة خاصة للتكوين المفرداتي والبناء الانشائي للوحاته.

مرحلة البدايات بالنسبة لأعمال هذا الفنان جسدتها مجموعة من اللوحات التي استخدمت فيها الألوان بكثافة وغزارة، ألوان يغلبها عليها الوضوح والغموق في آن واحد، خصوصا في مجموعة من الموديلات الانثوية التي أظهرت بهاء البنت الكوردية بجمالها الطبيعي وازياءها المزركشة. كذلك يمكن تفحص خصوصيات لوحاته في هذه المرحلة من خلال مجموعة من الاعمال التي جسدت سيدات وآنسات كورديات يعقدن حلقات الرقص الكوردي في الطبيعة. مع ان الطبيعة، وأحيانا جزء من جدار أو تكوين معماري يتم استخدامه من قبل الرسام كيسته يي كخفية لمفردته المفضلة (الأنثى)، الا انه استطاع ان يجعل من هذا العنصر الثانوي في أعماله اطارا مكملا لأعماله.

ومن خلال الاطلاع على عدد من الأعمال الجديدة للرسام عبر النت، هذه الاعمال التي أنجزها في الخارج، يبدو انه مازال يواصل حرفة الرسم من دون أن تفارق الأنثى لوحاته. لذا تبدو العلاقة بين الفنان وبنت حواء جدلية. وهذا بالتأكيد يضفي خصوصية نادرة لأعماله. الملاحظ هو ان تغيرا بارزا قد طرأ على هذه العلاقة الجدلية، وهو تغير شكلاني أو موضوعاتي، حيث بدأنا نشاهد الأنثى في مجتمع (غربي) جديد، تدخل لوحاته. الأنثى الجديدة في لوحات الرسام تبدو في حالة مغايرة للأنثى (الشرقية) الكوردية. ومن هنا يمكن تلمس التعامل الحسي العالي للفنان مع أطر عالم الانوثة. هذا العالم المكمل لعالم الرجال (الذكور) والذي يضم الكثير من الاسرار. وهو أيضا يمثل الجهة المشرقة من عالم بني آدم.

سحر الانوثة يتجدد عبر الزمان. قصة آدام وحواء، مم وزين، مجنون ليلى، روميو وجوليت، شيرين وفرهاد وملايين قصص الغرام تتكرر عبر الزمان. لا أحد (من الذكور) يعيش بمعزل عن الأنثى التي نعرفها بأسماء شتى. انها الجزء المتمم من انسانيتنا. بالضبط ربما هذا هو الذي تقوله لوحات الرسام سردار كيسته يي.

 

طارق كاريزي

Rojava News 

Mobile  Application