محمد سعيد وادي: الكورد والأزمة المستدامة

محمد سعيد وادي: الكورد والأزمة المستدامة

منذ فجر التاريخ والكورد يتعرضون لشتى أنواع الدسائس والمؤامرات والخطط الرامية لإضعافهم ونهب ثرواتهم والقضاء التام على طموحاتهم المشروعة في العيش الرغيد بالحرية والكرامة ضمن جغرافيته التاريخية، وتعرضه لمشاريع إقصائية تحت مسميات عديدة، منها دينية حيث احتل العرب بلادهم باسم الإسلام في العهدين الأموي والعباسي، وحرموا الشعب الكوردي من حقوقه الثقافية والسياسية بحجة الدين، بعد ذلك جاءت الخلافة العثمانية، وغزت المناطق الكوردية، ونهبوا ثرواتهم وجندوا شبابهم لصالح غزواتهم مسمياً زوراً بالفتوحات، وفي الجهة المقابلة حكم الفرس جزءاً من كوردستان وفرض عليهم التشييع باسم المذهب في الوقت الذي كان الكورد ضحية شد وجذب لهذا وذاك، لكن الكورد لم يبخلوا يوماً في التضحية والقيام بالثورات المتكررة في أرجاء كوردستان ضد الأنظمة الغاصبة في معارك شرسة لقّن العدو خسائر كبيرة وبالنتيجة كانت الإخفاقات ضحية للمصالح الدولية والإقليمية وأصبحت ثرواتها نقمة عليها بدلاً من أن تكون نعمة على أصحابها الذي عانوا شتى أنواع الظلم والاضطهاد.

الأزمات الدولية التي حدثت كانت فرصة تاريخية للكورد للاستفادة منها والتحرر كبقية الشعوب والحصول على كيان سياسي في جغرافيتهم وعلى أرضهم التاريخية والعيش بحرية وكرامة، ولكن مما يؤسف له كان الإخفاق دائماً من نصيب الكورد لعوامل كثيرة. كما أننا أمام فرصة تاريخية في سوريا قد لا تتكرر لعقود من الزمن، والإخفاق يلوّح لنا إن لم نستغلها. فالعامل الأول هو اختراق الأنظمة الغاصبة صفوف الكورد واستخدامهم كأدوات لمواجهة الكورد المطالبين بحقوقهم والحركات السياسية والنخب الثقافية الشريفة والحريصة على خلاص الكورد من الظلمات والاضطهاد المزمن، وذلك تحت مسميات عديدة إسلامية سنية حيناً وشيعية أحياناً وشيوعية حيناً آخر، وأخيراً وليس آخراً «الأمة الديمقراطية» التي يطالب أصحابها باسم الكورد بتحقيق ديمقراطية كونية بأفكار طوباوية لا تمت إلى الحقيقة بأية صلة ووقودها الشعب الكوردي وشبابه. العامل الثاني هو عدم توفير وحدة الصف الكوردي واعتبار القضية الكوردية خطاً أحمر لا يجوز تجاوزه، والحرص على مصلحته مهما كلف. السبب الثالث محاربة المشروع القومي الكوردي الذي يقوده الرئيس مسعود بارزاني ذو المصداقية إقليمياً ودولياً المتوارثة من البارزاني الخالد الذي اقترن الكورد باسمه خلال قرن من الزمان والذي ضحى بالغالي والنفيس وقدم قوافل من الشهداء على مذبح الحرية والكرامة. والسبب الآخر انخراط بعض المحسوبين على الكورد في خدمة أعدائهم مقابل حفنة من الأموال نتيجة للمواقف القذرة بعيداً عن الشعور بالمسؤولية الأخلاقية والتاريخية.

لكن الشعب الكوردي ورموزه الوطنية ونخبه السياسية والثقافية لا يمكنهم القبول بهذا الواقع والثقة بالأنظمة الغاصبة لكوردستان خاصة النظام السوري الفاسد الذي خبرناه طويلاً، ولم يجد منه أية بوادر إنسانية تجاه الكورد، بل مارس بحقهم أبشع المشاريع العنصرية والإجراءات الشوفينية، وهذا الوصف ينسحب على بقية الأنظمة الغاصبة لكوردستان إيران وتركيا والعراق ولا مجال أمام الكورد سوى الوقوف مع المشروع القومي للرئيس مسعود بارزاني في تقرير المصير والاستقلال وخاصة في هذا الظرف المناسب حيث التعاطف الدولي مع الكورد وبيشمركته البواسل في مواجهة أعتى أعداء الإنسانية داعش وحاضنته العروبية المقيتة لينعم شعبنا الكوردي بالحرية والكرامة ووضع حد للأزمة المستدامة لهذا الشعب الصبور.

Rojava News 

Mobile  Application