11:03:45 AM
RojavaNews: كتب الكاتب، ماجد ع محمد مقالا حول أسباب أعدادا كبيرة من الاشخاص قهرا نتيجة الوضع المأساوي الذين يعيشون فيه وعزا الكاتب مقاله بمقارنة بين ما يعيشه المواطنين في بعض قرى منطقة عفرين وبين الجنود الامريكيين الذين كانوا يموتون في السجن بالرغم من الظروف الجيدة للسجن وهذا ما جاء في مقاله ما يلي:
على ما أذكر كان يوم الثلاثاء حوالي الحادية عشرة صباحاً قبل بدء تركيا عملياتها العسكرية ضد وحدات الحماية الشعبية في منطقة عفرين بفترة وجيزة، هاتفني وقتها من المنطقة أحد وجهاء القرية اليساريين، وبعد السلام والسؤال عن الأحوال وأبرز الاحتياجات التي يشكون من قلّتها، وأكثر المنغصات التي يعانون منها، قال أبو محمد: آمنا بالحرب وبالحصار الذي نعيش في ظله منذ سنوات، وآمنا بالواقع الاقتصادي التعيس، وآمنا بأن ثمة من يستشهد في الجبهات في الجوار، ومن يقضي نحبه تحت القصف في مناطق أخرى، ومن يفقد حياته بالطلقات الطائشة في الطرقات، وأردف ابو محمد أن كل تلك الأسباب بعيدة عنا باعتبار أن منطقتنا أولاً ليست قريبة من المناطق الساخنة، وثانياً بكون أن قريتنا محصنة نوعاً ما من جهة الطبيعة، وذلك لوقوعها في سفح وخاصرة جبلٍ يعلوه جبل، ويزنره جبل، وتطوقه سلسلة جبلية طويلة، ولكن مع كل ذلك نشعر وكأن السيد عزرائيل مقيم في أعلى الجبل، وهو كالمارد الجبار كل ما أحس بضغط الحاجة إلى صيد البشر نزل من قمقمه وأخذ معه أحد المطلوبين من أفراد القرية وعاد به إلى ظهر الجبل حيث يقيم زيوس ومعاونوه؛ وبما أن الوقت لم يكن ليسمح بسرد كل المجريات وأسبابها في تلك المكالمة التلفونية، فعدتُ إلى طاولتي وأعدت التفكير بكلام أبو محمد، أي لماذا نموت بكثرة ولا آثار للحرب في قريتنا، ورحت أتذكر الأسباب المفترضة وأعدّدها:
فقلتُ بيني وبين نفسي، لعل ضغط حزب الاتحاد الديمقراطي الممثل بإنهاك ما تبقى من قوة المجتمع عبر فرض الضرائب التي يطالبها كخوة سياسية، وفوقها سحب ما تبقى من الشباب رغماً عنهم إلى القتال في جبهات لا تعني لهم شيئاً هو السبب، بما أن الإنسان الذي يقاتل بغياب الرغبة في القتال وغياب حس الوطنية والانتماء، ويخوض معارك وهمية أو حقيقية لا تعنيه نتائجها ولا يخوضها بناءً على نية الدفاع عن العرض أو الأرض أو العقيدة، فهذه المشاعر التي تدل على الاستسلام والانكسار المسبق كافية لإماتة العسكري على الجبهات، وبالتالي موت أهله قهراً عليه وعلى ما صار إليه حالهم في ظل الحرب وتحكم المسلحين بحياة البشر، والأهم من كل هذا وذاك هو استمرار خداع الناس بشعاراتٍ فضفاضة، بينما لا استراتيجية واضحة لدى الحزب ولو لشهرٍ واحدٍ للأمام.
ثم قلتُ لعل الحصار الطويل للمنطقة وحرمان الناس من نعمة الغذاء هو ما تسبّب بقلة مناعة أجسادهم، وبالتالي كان ذلك وراء قصر أعمارهم، ثم قلت ربما تقلص الآمال بانتهاء الحرب هو ما جعل الهم والغم يخيم على نفوسهم، ويدفعهم ذلك الهاجس للاستسلام وإلى اليأس القاتل، وأن تقلص آمال انتهاء الحرب جعلهم يظنون بأنهم لن يجدوا أبناءهم وأحفادهم من جديد، لذا حاصرهم القنوط كما تحاصرهم بعض الكتائب الراديكالية داخل سورية من جهة، والجيش التركي على طول الحدود من جهةٍ أخرى.
ولعل نطقي لكلمة اليأس المميت ودلالاتها كانت بمثابة الصنارة التي أحالتني إلى يم التجربة البشرية، فتذكرت قصة العذاب الصامت في سجنٍ بلا جدران، وكيف تم قتل ألف جندي امريكي في كوريا بدون إطلاق رصاصة واحدة عليهم، حيث يقال بأنه بعد انتهاء الحرب الكورية الأمريكية عام 1953، قام الجنرال وليام ماير المحلل النفسي في الجيش الأمريكي بدراسة واحدة من أعقد قضايا تاريخ الحروب في العالم، حيث تم أسر وسجن حوالي ألف جندي اميركي في تلك الحرب وتم وضعهم داخل مخيم تتوفر فيه كل مزايا السجون من حيث المواصفات الدولية، حيث أن ذلك السجن لم يكن محصورا بسور عال كبقية السجون، بل كان يمكن للسجناء محاولة الهروب منه الى حدٍ ما إن أرادوا ذلك، والأكل والشرب والخدمات متوفرة بكثرة، وبدون تعذيب جسدي، ولكن التقارير كانت تشير إلى أن عدد الوفيات في هذا السجن أكثر من غيره من السجون، وتلك الوفيات وفق الدراسة لم تكن بسبب التعذيب، أو نتيجة محاولة الفرار من السجن، أو من وراء نقص الغذاء حسب ماير، بل كانت ناتجة عن موت طبيعي! إذ أن الكثير منهم كانوا ينامون ليلاً ويطلع الصباح عليهم وقد فارقوا الحياة! وقد استطاع ماير أن يحصل على بعض المعلومات والاستنتاجات من خلال الدراسة، حيث تبين له بأن من بين أبرز الأسباب هي الرسائل والأخبار السيئة فقط التي كان يتم إيصالها إلى مسامع السجناء، أما الأخبار الجيدة فقد كان يتم إخفاؤها عنهم؛ إذ أن الأخبار