أكرم ملا : المثقف الكوردي المقموع

أكرم ملا : المثقف الكوردي المقموع

 

المثقفون الكورد في حيرة من أمرهم إن لم تكن تامة، تجاه ما يحدث للأمة، ويظهر ذلك جلياً في كتاباتهم ومقابلاتهم ومقالاتهم، حتى لو لم يصرّحوا بذلك وبوضوح، لذلك الكثير يسمّون المثقف الكوردي اليوم بـ«الضائع، أو المتراخي». لنحاول الوقوف أمام أبرز ما يعانيه المثقف في هذه الأزمة التي تعصف بنا جميعاً، يا ترى ألا نقسو كثيراً على ذلك المثقف، عندما نطالبه بالحلّ وعدم الضياع، وسط هذه الغابة المتشابكة الأغصان وأرضها الشائكة التي تعيش فيها الأمة؟

ما الذي يستطيع أن يفعله المثقف الكوردي سوى التفكير وتقديم الحلول نظرياً؟ لمن يطلبها منه، ولمن يمكنه الاستعانة به، ولمن يمكنه التغيير فعلاً، ما دام هذا المثقف، بشكل فردي أو جمعي، ليس قادراً على إحداث التغيير الفعلي والمطلوب؟ وحتى هذا الدور أصبح يقوم به على جثته، إن جاز التعبير، لذلك نرى أغلب مثقفينا انتهى بهم الأمر مهاجرين أو منزوين صامتين، ولم يُسأَل برأي أو مشورة طوال الأزمة. أما من أراد البقاء منهم، والصمود في وطنه، وممارسة دوره المنوط به تاريخياً وأخلاقياً بشجاعة ووضوح وصوت عال، وضمن الظّروف المتاحة له، فسرعان ما ينتهي به الأمر الى الوقوع تحت أعين السلطات والإدارات والأحزاب التي قامت «بـ«القاء القبض» على الحياة الثقافية ومحاولة تجييرها لصالح مواقفها وإداراتها وسياساتها، وسيكون مصير المثقف الكوردي إما «السّجن المعنوي» لأفكاره، أو «السّجن الفعلي» له، أو اغتياله ثقافياً ومن ثمّ ملاحقته في لقمة عيشه أو أسهل العقوبات التي تكمن في التضييق عليه وأسرته.

فماذا يفعل هذا المثقف بالضبط؟ وكيف يستمر؟ وكيف يدافع عن نفسه تجاه اتهاماتنا له، ولومنا الدائم، وانتقاداتنا شديدة القسوة؟ وما هي الأساليب الممكنة التي يجب أن يستخدمها وتقاعس فيها؟ ولنفترض أنه واجه كلّ هذا وفعل، وكتب، وقال. فهل نجد من يستمع إليه، ومن يؤمن بما يقوله؟ هل سنسانده؟ هل سنثق به؟ هل سننتظر قليلاً، لنفهم على الأقل ما يقول؟ أم أننا، كالعادة، نختلف فيه ومعه حول ما يقول، ونسارع إلى الهجوم عليه، في طرح آرائه، ومقترحاته، هذا إن لم نخوِّنْه، وهي أسهل الطرق الكوردية، وللأسف، للاتهام.

 

 

Rojava News 

Mobile  Application