وهل هناك كفرٌ بالحق والحقيقة أشد مما قاله السيد دوران كالكان (عضو قيادي في حزب العمال الكوردستاني – من أصل آذري) لإحدى الأقنية التلفزيونية التابعة لحزبه: لا يجوز أن تحكم أربيل كامل إقليم كوردستان)
معلوم أن دوران كالكان (صلاح الدين أردم) هذا (من مواليد 1954 في أضنة) من مؤسسي حزب العمال الكوردستاني (من أصل آذري) وسجن في أوروبا في عام 1988 بتهمة إرهابية لمدة 5 سنوات، شخص غامض وساكت على الدوام ونجهل عن عائلته كل شيء، ويعتبر من منظري الحزب الذين لم يشاركوا في القتال إلاّ قليلاً ومعروف باسم (عباس) أيضاً.
نقول بأنه كفر بالحق والحقيقة لأن حزبه الذي تأسس في شمال كوردستان ومن أجل ذلك الجزء الكوردستاني قد تخلّى تماماً عن برنامجه القومي الكوردي، فليس من حقه التدخل في شأنٍ لا يعنيه وهي قضية الشعب الكوردي في إقليم جنوب كوردستان، والحقيقة على أرض الواقع وبحسب الدستور العراقي تقول بأن (أربيل) هي عاصمة هذا الإقليم، أي بقبولٍ من العراقيين، عرباً وكورداً وأقليات، شيعةً وسنةً وأزديين ومسيحيين، فيما بينهم، ولذا فإن تطاوله على الشعب العراقي عامةً وعلى شعب الإقليم خاصةً يهدف إلى التجزئة والتقسيم واثارة الفتن بين الشعب الكوردي ويخدم الأعداء المتربصين بهذا الشعب من كل طرف. وهذا نابع من دعوة السيد أوجلان من مكتبه السياسي في جزيرة عمرانلي التركية إلى نبذ فكرة الدولة الكوردية القومية والمطالبة بالكونفدرالية الشرق-أوسطية، والإدرة الذاتية الديموقراطية (نظام الكانتونات)، الذي أخذه من مشروع عالمٍ روسي يهودي، عوضاً عن العمل لتحقيق الطموحات القومية والوطنية المشروعة لشعب كوردستان، في حين أنه لايدعو الأتراك والعرب والفرس لحل دولهم القومية، بل يمدح جهود مصطفى كمال لبناء وحماية "الجمهورية". ودوران كالكان يردد ما صدح به الزعيم، وهو ليس الذي بإمكانه رفض أمرٍ من أوامره.
وقال السيد (قالقان) هذا بأن: "النظام في إقليم كوردستان مركزي، وغير مقبول"، فبأي حقٍ يقول هذا، طالما هو غير عراقي بل وغير كوردي وليس مواطناً من مواطني العراق أو إقليم جنوب كوردستان؟ وماذا يريد من وراء ذلك؟ فهل على الكورد أن يقسموا وطنهم إلى (كانتونات) حتى يقول السيد (قالقان) بأن مشروع سيده قيد التنفيذ والتطبيق كما في غرب كوردستان؟ لا... لا... إن (عباس الآذري) ينفذ سياسة أعداء الكورد وكوردستان الذين حشدوا (داعش) وقبائل عربية عديدة ووضعوا تحت أياديها السلاح الأمريكي الحديث للهجوم على كوردستان بمجرد ذكر السيد مسعود البارزاني بأنه عازمٌ على عرض مسألة "استقلال كوردستان الجنوبي" على الاستفتاء الشعبي الديموقراطي؟ وبعد أن قضى البيشمركه على خطر داعش بمساعدة حلفاء الإقليم في العالم تحرك حزب العمال "الكوردستاني!!!" لينجز ما لم يتمكن داعش وأقرباؤه من إنجازه.
يقول (قالقان أفندي) بأن "النظام المركزي لا ينسجم مع الحالة في إقليم كوردستان، لأن المجتمع الكوردستاني متعدد القوميات والأديان واللهجات"، كما يقول: "هناك كورد سوارنيون (نسبة إلى منطقة سوران)، وكورد بادينيون (نسبة إلى منطقة بادينان)، وكلاهما كورد، فما السبيل إذا لتوحيدهما في إطار لغة قومية واحدة؟".
فهل هذا فعلاً منظر سياسي لحزب كبير أم أنه مدعومٌ من دولةٍ أو جهةٍ تعمل صراحةً وعلناً على ضرب مكونات الشعب الكوردي بعضها ببعض؟ أليس الكورد الصوران والبهدينان في ذات الحكومة والبرلمان والبيشمركه وكل إدارات الإقليم، بل وفي البرلمان الاتحادي العراقي؟ ولماذا الإصرار على رفض "النظام المركزي" وحزبه يرفض حتى "الفيدرالية" أو "الحكم الذاتي" للشعب الكوردي في شمال وغرب كوردستان؟ فمن يقف وراء هذا الشخص الذي يتلاعب هكذا بمصير شعبنا؟ وهل سيسمح له كوادر حزبه بالاستمرار في "مشروع بث الفتنة وتأليب الكورد على الكورد" وهم قد قضوا سنين شبابهم من أجل "تحرير الكورد واستقلال كوردستان!!!"، ثم يأتي (قالقان أفندي) وسواه ليقولوا بصفاقة ومهينين شعبهم أنهم قد رموا بفكرة "الاستقلال الكوردي" في سلة المهملات؟ ألهذه الأفكار الخيالية الطوباوية قاتلتم وقتلتم وسهرتم الليالي في الكهوف وتحملتم سائر الأهوال والقصف الوحشي وابتعدتم عن ملذات الحياة، أم من أجل شعبكم وحريته وكرامته؟ .
إن السيد (عباس) هذا يتهم النظام الكوردي في إقليم جنوب كوردستان ب"الدكتاتوري!"، حيث يقول: "الدكتاتورية المركزية غير قادرة على البقاء في كوردستان، وليس من المقبول أن تكون إدارة الإقليم في أربيل فقط، ومن حق سنجار وكركوك وكرميان ودهوك والسليمانية إدارة نفسها"، وعجيب أن يصدر هكذا كلام موبوء بجراثيم الفتنة من قيادي في حزب "ماركسي – لينين" يقدس دكتاتورية البروليتارية ومعصومية القائد!
إنه يحاول الظهور بمظهر المدافع عن "سنجار وكركوك وكرميان... وسواها" وذلك بهدف التأكيد على ما جنته أيادي رفاقه في سبيل الإبقاء على "سنجار وكركوك" خارج إقليم كوردستان العراق، فهل تتذكرون كيف كانت نساء الحزب ورجاله يحملون المعاول لهدم الخندق الذي حفرته حكومة كوردستان بهدف عرقلة تسلل الدواعش إلى الإقليم، بذريعة أن الحزب العمالي "ضد فصل أجزاء كوردستان!" وها هو اليوم يطالب بالتقسيم وتحويل كوردستان إلى (كانتونات) تدير كل منطقة شؤونها بنفسها... فهل بقي شيء "كوردي" لهذا الحزب؟
إلا أن شعبنا في سنجار وكركوك لا يقاتل من أجل تطهير المنطقة من إرهاب داعش وحلفائه فحسب، وإنما من أجل توحيد أرض الإقليم بعد أن ظل مقسماً عبر العهود السابقة لأنظمة الحكم العراقية المتتالية، واليوم يدفع شعبنا ضريبة وحدته وحريته بدماء شبابه، مسلمين ويزيديين وكاكائيين، سنة وعلويين وشيعة ومسيحيين، وكلهم – سوى الخونة منهم – يريدون الحياة معاً في ظل راية كوردستان التي خفقت من قبل على ذرى (آغري) وفي (مهاباد) وفي حماية بيشمركتهم، يجمعهم برلمان واحد وتدير شؤونهم حكومة واحدة... ولهم رئيس واحد منتخب.
وفي الحقيقة ثمة تناقضات كبيرة في تصريحات زعماء حزب العمال الكوردستاني في الآونة الأخيرة، فهم من جهة يرفضون الدولة الكوردية القومية كما يرفضون الفيدرالية وحتى الحكم الذاتي لشعبنا، ولكنهم بصدد جنوب كوردستان يطالبون ب"وحدة البيشمركة وقواتهم الكريلا!"، إذ يقول (قالقان أفندي): "نحاول وضع الكريلا والبيشمركة تحت قيادة عسكرية مشتركة، وندعو إلى ذلك باستمرار، إلا أننا لم نتلقى أي رد من قبل إقليم كوردستان"،كما يطالبون ب"المؤتمر الوطني الكوردستاني!"، ويصرون على أن تعمل الحركة الوطنية الكوردية ضمن الإطار الذي يحددونه هم في غرب كوردستان، ثم يطلقون التصريحات الرنانة والطنانة بأنهم عاملون على بناء "الإدارة الذاتية الديموقراطية"، فلا كورد ولا كوردستان في مشروعهم...
فهل هناك من يستطيع شرح ما يدور حقاً وراء الكواليس داخل الشريحة العليا لهذا الحزب الذي حربه الإعلامية على إقليم جنوب كوردستان والسيد البارزاني أكبر من هجومه على إرهاب داعش، بل إنه لا يتوقف عن معاداة "النظام المركزي الكوردي" في حين يسكت عن جرائم الأسد ضد الإنسانية كلياً؟
منذ أيامٍ قلائل قال لي أحدهم: "إن أمريكا تحاول بناء دولةٍ كوردية تابعة لنظامها الامبريالي برئاسة مسعود البارزاني، إلا أن حزبنا لن يسمح بذلك مطلقاً." والعالم بأسره يعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية تهتم بمصالحها الاستراتيجية مع الدول التي تتقاسم كوردستان أكثر من اهتمامها بحق أي شعبٍ من شعوب الأرض.