شيركو حسن: النظم السياسية وإدارة الأزمات ( الصراع - التكتُّل – المؤامرة )

شيركو حسن: النظم السياسية وإدارة الأزمات ( الصراع - التكتُّل – المؤامرة )

( عندما يوجد فرد يسود السلام, عندما يوجد اثنان ينشأ الصراع, عند وجود أكثر يبدأ التكتل )

هذا هو قانون الحياة بشكل عام, كيفما كان شكل المجموعة البشرية, أسرة أو مؤسسة أو أمة فهي محكومة بقانون الصراع كقاعدة تاريخية وهي ظاهرة طبيعية في حياة الإنسان وفي حياة المؤسسات وانتهاءً بالأمم. وللصراع أشكال مختلفة ,تكون نتائجه مختلفة انطلاقاً من الأدوات والأهداف التي يمتلكها أطراف الصراع, فهو يتدرج في شدته بدأً من الصراع الهادئ الذي ينشب في الأسرة أو المؤسسة الواحدة, قد يصل ذروته على مستوى المجتمع ويبلغ حد الصدام  والاحتراب .

ونظرية الصراع في علم الاجتماع, هو أنّ معظم الكيانات المجتمعية تشهد حالة من الصراع الدائم, بهدف تعظيم المنافع الفردية أو الجمعية, للصراع أبعاد وأهداف مختلفة يعمد كلٌّ منها إلى تغليب بعداً أو محدد ما على الأبعاد الأخرى لظاهرة الصراع, هي محكومة بأخلاقيات وثقافة المجتمع, ما خرج عليها يعتبر صراع غير خلّاق وتدخل في خانة المؤامرة من خلال قيام طرف ما بعمل منظم بالتخطيط المسبق للوصول لهدف ما مع طرف آخر, يتمثل الهدف غالبا في تحقيق مصلحة ذاتية أو منفعة شخصية أو السيطرة على جهة أخرى ومن ثمّ تنفيذ خطوات تحقق الهدف من خلال عناصر, تعتمد ثقافة وأسلوب يتعارض والقيم الجمالية والأخلاقية السائدة في المجتمع .

إلا أنّه يقع على عاتق المتنورين والفئات الواعية في المجتمع, تنبيه مجتمعاتها إلى المخاطر المحدقة بها في كافة الظروف, من خلال قراءة المرحلة أو الحالة قراءة واقعية أخلاقية, بدعوة المجتمع للحفاظ على نقائها من الانحرافات وتحريرها من سيطرة قوى ظالمة خبيثة تحاول التحكم بمقدراته, وخلاصه من كتل فاسدة ظالمة تسعى لتحقيق غايات غير نبيلة تستهدف حضارته وثقافته لكبح تطوره الطبيعي .

وأهم العوامل المساهمة في إنجاح المؤامرة, توافر الحاضن الاجتماعي الملائم والحامل للعادات والتقاليد والموروثات الاجتماعية ونمط التفكير الأسري والعشائري والمرتكزة على قاعدة الولاء والانتماء, إضافة إلى توافر النظام المساهم في تشكيل بنية التكتل الفاعل في المؤامرة, والنظم السياسية الكردية الموجودة على الساحة السورية بما تمتلك من نظم وقوانين داخلية أبرزها قانون إدارة الانتخابات الداخلية ليست سوى أهم عامل يساهم في خلق التكتل الحاضن للعقلية الفاعلة في المؤامرة, فالقانون المعمول به لإجراء الانتخابات في المحطات الحزبية والمعتمدة على معادلة (50+1) والمانح للعضو حق التصويت لأكثر من شخص " منحة حق التصويت لأعضاء تتساوى والعدد المطلوب في القائمة المتكتلة " يعد من أهم مسببات إفساد الحزب من خلال إنتاج شخوص وفق مزاجية مجموعات محددة, لذا نراها غالبا تؤدي إلى إعادة إنتاج شخوص يفتقرون إلى أدنى مكنونات الحامل المعرفي في المجتمع, بالتالي إنتاج مفاعيل بهم لا تجيد سوى امتهان التبعية التسلسلية للقيادة دون أن يكونوا فاعلين في هيئاتهم والمساهمة في تطوير أحزابهم ومجتمعاتهم, لذا نرى حالة الترهل والعجز الظاهرتين على أداء الأحزاب المنتجة لذاتها في عملية التدوير الجيني, غير مستدركة بالإحداث والمتغيرات العميقة في محيطها وحتى في بنية مجتمعاتها, فهي في أحسن حالاتها تلجأ إلى ظاهرة التشظي والانقسام في عملية الانتقام الذاتي المدمرة.

إلى متى سنظل ندور في حلقات مفرغة, أنّ أولى خطوات الخروج من هذه الأزمة المتجذرة في مورثاتنا الحزبية هي الخروج على القاعدة الأولى المؤسسة للظاهرة, من خلال اعتماد قانون انتخاب عصري تعتمد التمثيل النسبي, حيث من الخطأ منح حق التصويت لناخب, لأكثر لشخص واحد يمثله ممن يراه مناسباً من المرشّحين, بذلك نكون قد تجاوزنا اولى عقد التكتل وما يبنى عليها وما ينتج عنها من عمليات التدمير الممنهج للشعب والقضية علنا نفتح أولى الأبواب أمام الطاقات الكامنة المجتمع لتقوم بدورها .

Rojava News 

Mobile  Application