تشهد المنطقة تطورات نوعية وعميقة تشمل بشكل خاص الدول الاقليمية الرئيسية التي لعبت دوراً محورياً في الأزمة السورية سلباً أو إيجاباً، تطورات ستلقي بظلالها على الأزمة السورية بشكل غير مسبوق.
فالسعودية التي كانت الوضع السوري في اولوياتها، وكانت استراتيجيتها تستند بشكل رئيسي على ضرورة رحيل رأس النظام بكل السبل والوسائل السلمية او العسكرية الا ان السعودية نفسها دخلت حاليا في حرب ضروس في اليمن، رافقتها أعمال إرهابية داخل السعودية، وقد تغيرت اولوياتها بشكل كبير، وباتت تندرج في معالجة الوضع اليمني ثم أمنها الداخلي ثم مواجهة المد الايراني وتراجع الملف السوري الى المرتبة الرابعة في اولوياتها.
اما تركيا التي كانت إسقاط النظام السوري اولى اولوياتها فباتت الآن أمام تحديات جديدة وجدية منها تعثر مفاوضات السلام بينها وبين حزب العمال الكردستاني واعلان الحزب المذكور انتهاء الهدنة وبدء الاعمال المسلحة ضد تركيا والتي بدأت بقتل شرطيين تركيين وكذلك الوضع المتوتر بينها وبين التنظيم الارهابي داعش والتي ترافقت بعمليات ارهابية داخل الاراضي التركية منها مجزرة سروج وقصف الجيش التركي لمواقع داعش داخل الاراضي السورية والتي ترافق بسماح تركيا للولايات المتحدة الامريكية باستعمال القاعدة العسكرية في انجرليك ضد داعش الامر الذي يعني حصول توافقات جديدة بين امريكا وتركيا حول الملف السوري والذي قد يصبح محاربة داعش هي الاولوية على الاجندات التركية في المرحلة المقبلة خاصة ان قصف تركيا لمواقع داعش داخل الاراضي السورية ومطاردته لعناصرها لن تقبل به ايران اذا لم تحصل على ضمانات بعدم التعرض لمناطق نفوذ النظام السوري.
اما ايران التي قبلت بتوقيف نشاطها النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها واستعادة ارصدتها المجمدة فإنما قبلت بذلك من اجل زيادة وتعزيز دعمها لحلفائها في المنطقة وبشكل خاص النظام السوري.
نستنج مما سبق ان التطورات الحاصلة اقليميا من تبدل الاولويات لدى كل من السعودية وتركيا ومن الانفراج الاقتصادي المتوقع في ايران تنصب جميعها لمصلحة النظام السوري واطالة عمره، وبات فرض تسوية سياسية من خلال مرحلة انتقالية من قبل المجتمع الدولي يتضمن مشاركة النظام فيها بمن فيه رأس النظام أمرا مرجحا لتشكيل جبهة موحدة من المعارضة والنظام لمحاربة الارهاب في سوريا الذي بات متجسدا بشكل رئيسي في داعش وتأجيل رحيل رأس النظام لسنوات عبر تسوية سياسية في سوريا قد تكون على الطريقة العراقية حيث يتضمن رحيل رأس النظام بموجب هذه التسوية مع الحفاظ على النظام.
على ان يكون البديل مقبول ايرانياً.
الأمر الذي يتطلب منا إجراء مراجعة شاملة لسياساتنا على ضوء هذه المعطيات الجديدة والتطورات العميقة الحاصلة في المنطقة.