9:54:45 AM
RojavaNews: فقدت منقطة عفرين (جيايى كورمينج) أحد أبرز الشخصيات الاجتماعية والوطنية التي ناضلت طيلة القرن الماضي، السيد ابراهيم قادر "ابراهيم أفندي" الذي انتقل إلى جوار ربه في يوم الأربعاء 9-5-2018 ووري الثرى في مقبرة الزيدية بمدينة عفرين بحضور أهله وغياب الأصدقاء والمحبين نتيجة الظروف التي شهدها منطقة عفرين الآونة الاخيرة.
نبذة عن حياة الفقيد:
إبراهيم محمد قادر (Îbrahîm Efendî) من مواليد 1921 – قرية هوبكا – ناحية راجو – منطقة عفرين (جيايى كورمينج)، وحيد الأبوين، توفي والده وهو في السنة الرابعة من عمره، عام 1930 درس لدى الخوجة في القرى المجاورة (عطمانا، موسييه)، وفي عام 1932 اُفتتحت أول مدرسة حكومية في راجو، كان عمره بحدود التسع سنوات تقريباً، فالتحق بتلك المدرسة. ابراهيم قادر وصديق طفولته الراحل رشيد حمو درسا فيها مدة سنتين فقط، وبسبب الظروف العائلية وارتباطه بابن عمه الكبير حيدر الذي كان مليساً لدى الفرنسيين، ذهب معه إلى مدينة ( قرق خان ) – ولاية هاتاي (لواء إسكندرون)- تركيا، ليكون إلى جانب عائلته والاهتمام بها لدى غيابه، هكذا شاءت الظروف ليبقى سنة كاملة دون دراسة وتحت رحمة ولي أمره.
في قره خان تعرف قادر إلى أناس طيبين ترأفوا بحالته، كونه يحب الدراسة والاهتمام بالعلم، فساعدوه للتسجيل في المدرسة الفرنسية التي كانت تُدرس اللغة التركية إلى جانب العربية والفرنسية. اعتمد على نفسه واشتغل في أعمال حرّة إلى جانب دراسته، كافح لكي يؤمن لنفسه ما يلزم للدراسة.
عام 1939 أُلحقت قرق خان بالدولة التركية، كان حاصلاً في حينها على شهادة السرتافيكا، أراد أن يكمل دراسته، ولكن كونه مواطناً كردياً طلب منه أوراق رسمية وتقارير طبية، فساعده في ذلك أصدقائه ومعارفه، خاصةً من آل رشا آغا (رشا)، وسجل في المرحلة المتوسطة بمدينة أنطاكية وتخرج منها بتقدير عالٍ، وأدرج اسمه وصورته على لائحة المتفوقين على مستوى الجمهورية، ومن ثم تابع دراسته الثانوية ولم يكمل السنة الأخيرة وبالتالي أنهى مرحلته الدراسية.
العودة إلى الوطن:
عاد ابراهيم أفندي إلى سورية بين عامي 1943 – 1944 حاملاً معه كتباً عديدة، واجتاز الحدود عائداً إلى دياره مفعماً بالأفكار والطموحات، لاق صعوبات في الطريق حتى وصل، راجع قيد نفوس والده في راجو وحصل على هويته السورية. حاول تحسين وضعه المعيشي بعد ذاك الغياب، فعمل في تجارة الفحم وعمل بالزراعة في بعض الأراضي القليلة المتبقية من والده، وبمشاركة أحد معارفه قام بإنشاء طاحونة في احدى أراضيه الواقعة قرب نبع بطمان بجوار النهر الأسود، أي كوّن نفسه بنفسه، جاهد وكافح وهو وحيد.
التقى بصديقه الراحل رشيد حمو واسترجعوا ذكرياتهم، فعادت صداقتهم كما كانت، وتباحثوا معاً بشأن الوضع المقلق في البلد، من حيث الجهل والفقر والعادات السيئة… الخ.
لدى عودة قادر إلى سوريا وجد أن نظام الحكم يدار من قبل الدرك العسكري والفرنسيين وبعض الانكليز، إضافةً إلى حركة المريديين، ولاحظ انتشار الفقر والجهل والخلافات العائلية والمشاكل المتراكمة والمتكررة، مثل الزواج الجبري والمهر الغالي، الثأر والتارات، حكم القوي على الضعيف.
قال: يجب على الانسان المتعلم أن يفيد بعلمه ويخدم ملّته ووطنه، فالحياة ليست معيشة أكلٍ وشرب ونوم. تشاور مع وتباحث مع صديقه المقرب حمو حول تلك الأوضاع والمشاكل والضغوط المتعلقة بالبلد، تأسفا كثيراً لتلك الأحوال، فقررا أن يجهدوا في سبيل الخلاص وتجاوز تلك العقبات، ومن خلال جلسات عديدة استعانا بالراحل عثمان صبري، حيث كانت أفكارهم متقاربة.
افتتاح مدرسة وتأسيس حركة:
وجد قادر أن من واجبهم البحث عن ما هو ممكن الوصول إليه من أجل إنقاذ الشعب وكيف يمكن توعية الناس ورفع الظلم عنهم وتعريف الواجب الوطني. انضم إلى الصديقين الراحل شوكت نعسان، واتفق الثلاثة على افتتاح مدرسة ابتدائية في عفرين عامي 1951 – 1952 للذين أعمارهم كبيرة ولم يُقبلوا في مدارس الدولة، كان هناك صعوبات من أجل الحصول على الموافقة، حيث تم الاستعانة بالسيد عدنان قره جولي من أكراد دمشق لأخذ الموافقة باسمه.
بمبادرة من الثلاثة (حمو، قادر، نعسان) وبمشاركة مثقفين كُـرد، أمثال (حنان مصطفى، عبد القادر بريمجة، محمد علي خوجة) تم اقرار تأسيس رابطة قومية أو جمعية عام 1951، هدفها توعية الناس ونشر الثقافة، تم ذلك على شكل حجرات (حلقات)، كل خمسة أشخاص في حلقة تتواصل مع الحلقات الأخرى، بدون ذكر أسماء الأشخاص الثلاثة. كانت تُعقد الاجتماعات في بساتين كفرجنة، وآخر جلسة حضرها معهم الشاعر الراحل جكرخون، وبعد المجادلة وتبادل الآراء اتفقت تلك المجموعة على السير بهذا الطريق المبارك.
تم إصدار /12/ بند أو نقطة متفق عليها، والتحق بالمجموعة أيضاً آخرين تجاوز عددهم /45/ شخصاً. من تلك البنود (محاربة الجهل، رفع الظلم، التشجيع على العمل والاهتمام بالزراعة، الابتعاد عن العادات السيئة من قتل وثأر، نشر الثقافة والوعي والفكر القومي، تحسين مستوى المعيشة)، وآخر بندٍ ذُكر فيه أن هذه الحركة ليست ضد الدولة السورية.
يذكر أن الراحل، إبراهيم أفندي دخل عدة مرات السجون السورية نتيجة نضاله المستمر ضد الجهل بالإضافة إلى نشر العلم والثقافة القومية بين أبناء منطقة عفرين وكان نصيحته الدائمة للجميع بأن يعملوا ويتمسكوا بتحصيل العلم والمعرفة، ويحبوا بلدهم ومسقط رؤوسهم وقبور آبائهم وأمهاتهم، وينبذوا الفرقة والعداوات ويحترموا الجيرة. وبهذا تخسر المنطقة أحد أعمدتها الوطنية والقومية في كوردستان سوريا.