Rojava News: التعايش و السلام بين القوميات و الديانات المختلفة يعدان من المبادىء و الخصائص الجميلة لأقليم كوردستان حيث أثار ذلك اهتمام و اعجاب العالم ، وهذه هي ثمرة السياسة التي صاغها البارزاني الراحل و قد طورها و سار على نهجها الرئيس مسعود بارزاني، وللحديث عن هذا الجانب و امور أخرى زارت مجلة كولان المطران ربان القس مطران ابرشية زاخو و آميدي و كان لها هذا اللقاء:
* ما اثار اليوم في اقليم كوردستان اعجاب العالم هو التعايش و التسامح السائد فيه، انتم كمسيحيي كوردستان كيف تقيمون هذا الجانب مع ان هذه الأجواء تكاد تكون معدومة في العراق و المنطقة؟
- عندما اتحدث عن التعايش و السلام في الأقليم اود انْ اجلب انتباه الآخرين بأن هذه المنطقة يسودها السلام و التسامح و التعايش منذ القدم، ولكن تطورت هذه الأمور في عهد الراحل مصطفى بارزاني، و ليس مع المسيحيين في الأقليم فحسب، بل ازاء المكونات و القوميات الأخرى.
وعندما هاجم الأرهابيون الأخوة المسيحيين في المناطق الأخرى من العراق، فتح الأقليم الأبواب على مصراعيه أمامهم و اصبح ملاذاً آمناً لهم، فضلاً عن ايوائه للآخرين النازحين من العراق و من سوريا، بالرغم من الظروف المالية الصعبة التي يمر بها الأقليم، و وجود جبهة حرب مع ارهابيي داعش يمتد لأكثر من 1100 كيلومتر، حيث استقبل اقليم كوردستان قرابة 2,5 مليون نازح و قد تم اسكانهم و تقديم ما امكن من الخدمات الأولية لهم، الأجواء التي تحققت اليوم هي بفضل دماء اكثر من 1500 من البيشمركة الشهداء، الذين ضحوا بالغالي و النفيس من اجل حمايتنا و حماية السلام و الحرية، لذا علينا الوقوف بأجلال و اكبار كلنا بأختلاف دياناتنا و قومياتنا أمام تضحيات البيشمركة الجسام، كما علينا انْ نكون اوفياء ازاء رئيسنا مسعود بارزاني الذي له حضور مستمر في جبهات القتال مع اخوته و ابنائه البيشمركة، لقد قام اهالي كوردستان بتقديم افضل الخدمات و الدعم للمسيحيين النازحين من مدينة الموصل و سهل نينوى و هم الآن يسكنون عينكاوه و دهوك، كل ذلك تحقق بفضل رعاية و توجيه الرئيس البارزاني، علاوة على ذلك هناك اعداد كثيرة من العرب لجأوا الى اقليم كوردستان، و من المعلوم ان جزءاً من هؤلاء كانوا في السابق ضمن المتنفذين الذين اسهموا في قمع و ابادة الكورد، ولكن على الرغم من هذا، تم استقبالهم و ايوائهم وهم الآن يعيشون في اجواء من الأمن و السلام .
* كما اشرتم اليه ان ثقافة السلام و التعايش هذه، لقيت الأهتمام الأكثر في عهد البارزاني الراحل و قد سار على نهجه الرئيس البارزاني، السؤال هو كيف تنظر الفاتيكان الى السياسة التي يتبعها الرئيس البارزاني و ماهو تقييمها للتعايش السلمي في اقليم كوردستان؟
- عندما استقبل البابا يوحنا بولص في الفاتيكان الرئيس البارزاني تحدث معه باعجاب و تقدير عن التعايش و السلام في اقليم كوردستان و قيّم دور سيادته عالياً في هذا المجال، وعنما نتحدث عن دور سيادته لانريد المديح أو التحدث عن شىء ليس موجوداً في الأقليم، و انما نؤكد على الواقع السائد فيه وقد ابلغ البارزاني عموم المكونات الكوردستانية، بأننا إما ان نعيش بجلاء و شموخ و إما ان نموت معاُ، وعندما زرنا سيادته في جبهات القتال قال لنا بكل صراحة: انتم المسيحيون تعيشون في اقليم كوردستان مثل سائر القوميات و الديانات الأخرى، انه موطنكم و موطن الجميع، لذا اود هنا انْ اوضح للعالم اجمع انه لولا الرئيس البارزاني لكانت اوضاع المسيحيين في الأقليم اسوء من مناطق العراق الأخرى، لأن الأرهابيين لايرحمون احداً، ولقد مضى عام و المسيحيون و العرب يعيشون في الأقليم بأباء و عز وكرامة، كما زار كاردينالان في شهري آب و ايلول من العام الماضي كممثلي البابا زارا اقليم كوردستان، و تفقدا اوضاع النازحين في عينكاوه و دهوك، كما اطّلعا عن كثب على عمل و جهود مؤسسة بارزاني الخيرية التي تقدم المساعدات الى النازحين دون تمييز، لقد اندهشا كثيراُ عندما شاهدا حالة السلام و التعايش السائدة في اقليم كوردستان، اما الآن علينا الألتزام بالصبر و التحمل و حماية المكاسب التي تحققت في اقليم كوردستان.
* و بالنسبة الى مسيحيي اقليم كوردستان و العراق، هل ترى اختلافاً بين المسيحيين في هاتين المنطقتين؟
- الغالبية العظمى من مسيحيي العراق هم الذين تم تدمير قراهم بعد عام 1961 و بداية ثورة ايلول من قبل الأنظمة العراقية المتعاقبة، و قد لجأوا الى بغداد و الموصل قسراً، حتى ان قسماً منهم اتجه الى البصرة، و الذي يلفت النظر هو انّ المسيحيين الذين لجأوا الى هذه المدن طيلة الأربعين سنة المنصرمة عايشوا ثقافة و تراث اهالي تلك المناطق، و لكن بعد عام 2003 تم استهدافهم من قبل جيرانهم و قد تعرضوا في 2003 و 2006 و 2009 الى الملاحقة و القمع و الأبادة و قام الأرهابيون بتفجير كنائسهم و منازلهم، و اجبارهم على المغادرة و التوجه الى مناطق آمنة، و اود هنا التأكيد مرة اخرى على انّ السلام و التعايش و الآخاء هي ثمرة نضال الراحل مصطفى بارزاني و استمرار السيد مسعود بارزاني على ذات النهج و بدراية وحكمة سيادته تحقق الأمان و التعايش السلمي على ارض كوردستان بين المسلمين و المسيحيين و الأيزديين و التركمان و الكلدوآشوريين و غيرهم.
* التجربة الديمقراطية التي يتمتع بها اقليم كوردستان الآن، هي ثمرة نضالات و تضحيات كبيرة، صحيح انها لاتخلو من النقص، ولكنها نموذج ناجح على مستوى المنطقة، كيف يمكن المحافظة عليها؟
- لو ان التأريخ يبدأ من الحرية ، حينها يمكن القول بأن تأريخ اقليم كوردستان يبدأ من عام 1991، عندما تحرر الأقليم، ولكن لنتسائل ماذا تحقق منذ ذلك التأريخ و حتى الآن؟ بدون شك انّ هناك اشخاصاً كانوا يرغبون في بث التفرقة ضمن هذه الأجواء بين القوميات و الديانات و الآحزاب، ولكن بجهود التربية الصحيحة و المواقف الوطنية- على الرغم من اصرار بعض من هؤلاء- الاّ اننا نجد انّ كل القوميات و الديانات لها نواب في برلمان كوردستان، و مع كل الأسف فإن بعض الأحزاب الكوردستانية لاتزال متأثرة بالتدخلات و المواقف الأقليمية و لاتفكر بصيغ و تعابير كوردستانية، و لهذا فإنّ تلك الأحزاب فقدت مصداقيتها و اهدافها الأساسية، أي تتصرف بدوافع الأعداء أو عدم فهمها للأهداف القومية و الوطنية الرئيسة المتمثلة في التوجه نحو الأستقلال و اقامة دولة كوردية مستقلة، وهنا يجب العودة الى المآسي و المحن التي عاشتها كوردستان و التضحيات التي قدمها شعبنا، لذا يجب مراجعة المواقف و توحيد الجهود من اجل تحقيق الأهداف السامية لشعبنا، صحيح انا رجل ديني ولكن ادعو الى دولة مدنية و ليست دينية، دولة تستطيع حماية حقوق كل المكونات، ومن اجل تحقيق ذلك فإننا بحاجة الى رئيس له تجربة غنية و يكون جريئاًَ في اتخاذ القرارات، ولو فكرنا في تغيير الرئيس الذي هو ضروري في هذا الوقت الحساس، فإننا بذلك نكون قد خسرنا المكاسب و الأعداء يقومون بلعب دورهم الدنىء و الخياني من اجل اجهاض كل الجهود التي تصب في مصلحة شعبنا و الوصول الى الأستقلال، لذا فإن هذه المرحلة تتطلب منا موقفاً موحداً لدعم رئيسنا لحين انتهاء هذه الحرب المفروضة و احلال السلام حيث يمكن حينذاك التفكير في حلول اخرى، كما ان الوقت غير مناسب للتحدث عن تحويل الأقليم الى ادارتين و تقسيمه كما يدّعي البعض، هنا اؤكد على التفكير في مستقبلنا و اعادة السلطات الى الشعب و ليس الى الأحزاب، المهم هنا هم ان يقرر الشعب ما يريده و من يختار رئيساً له، ولكن اختيار الرئيس من قبل الأحزاب فإنها عودة الى الوراء.
* برأيكم ماهي حاجة هذه المرحلة بالنسبة الى رئاسة مسعود بارزاني؟
- رئاسة السيد مسعود بارزاني ضرورية لديمومة السلام و التعايش، و وصول اقليم كوردستان الى بر الأمان، الوضع في الأقليم شبيه بسفينة داخل بحر، ونحن واثقون بأن سيادته سيوصل السفينة الى ضفاف المجد و الشموخ، أما عندما يتم تسليم السفينة في هذه المرحلة الى شخص ذي تجربة قليلة و خبرة غير مكتملة حتماً انه سيغرقها بدلا من ايصالها الى الأمان. و السبب الرئيس لذلك هو ان اعداء كوردستان لايريدون بقاء الرئيس البارزاني في منصبه بغية عرقلة اكماله للمسيرة و وصول الشعب الى دولته المستقلة، لقد زرت عدداَ من الدول الأوروبية و هناك حين تتحدث عن البارزاني تتلمس منهم اهتماماً متزايداً بالكورد و الكوردستانيّن، لقد شهد العالم كل المواقف و الرؤى الجميلة و الثابتة بفضل الرئيس مسعود بارزاني، يعلمون جيداَ انه لم يتم تشكيل أية مجموعة ارهابية منذ ثورة ايلول عام 1961 و لحدالآن، و لقد تحول الرئيس البارزاني الآن و على مستوى العالم الى رمز لأيصال ارادة الكوردستانين الساعية الى اقامة دولة كوردية، لذا ينبغي انْ لانعمل من اجل اجهاض طموحاتنا و تطلعاتنا بأيدينا.
* انتم ككوردستانيين و المكون المسيحي شاركتم في ثورتي ايلول و كولان، كيف تقيمون الثورات الكوردية، و ماذا فعلت الثورات الكوردستانية لكم؟
- لم اسمع ابداً أية خروقات تجاه حقوق المكون المسيحي منذ بدء ثورة ايلول عام 1961 بقيادة الراحل مصطفى بارزاني، فالحزب الديمراطي الكوردستاني هو حزب يؤمن بالديمقراطية، هنا من الأجدر بمكان انْ اشير الى ان اول شهيد مسيحي في عام 1960 كان المرحوم الشهيد ملك جكو في عهد الشيخ احمد بارزاني، و سموّه شهيداَ دون أي تمييز بين شهداء أي قومية أو ديانة، الى جانب هذا الشهيد لنا شهداء آخرون، و لانمن على احد حيث انه من واجبنا تقديم التضحيات من اجل بلدنا و شعبنا الكوردستاني، ولأن كوردستان هي وطن الجميع بأختلاف القوميات و الديانات، لذا علينا العيش معاَ و الدفاع عن مكاسبنا و تطلعاتنا، وان نقبل بالقيادة الفذة للرئيس مسعود بارزاني وصولاَ الى مستقبلنا و مصيرنا المنشود المتمثل بالدولة الكوردستانية المستقلة.